دعوته قائمة على التنظير والخيال(١) لا على الأدلة والواقع المحسوس. والدعوة إلى السلام العالمي فكرة خيالية كاذبة خاطئة هدفها هيمنة الفكر الغربي على الإسلام والمسلمين، مع أن الواجب الشرعي هو العكس.
إن لفظ (الإنسانية) دخل إلى المسلمين بدخول الاستشراق فقط. ومن ينظر في أمهات المعاجم العربية لا تجده فيها. ففي لسان العرب "الإنسان معروف. ثم ذكر آدم وأن بني الإنسان هم أبناؤه وأن الإنسان مشتق من النسيان". وفي القاموس المحيط: "البشر والإنسان الواحد إنس جمع أناس. والمرأة إنسان وبالهاء عامية". وعليه فلا وجود لهذا اللفظ في اللغة التي تعدّ حجة. وربما كان المعلم بطرس البستاني (١٨١٩م-١٨٨٣م) (٢) من السباقين في الحركة الأدبية اللبنانية الحديثة النابعة من الاستشراق ممن خصص لهذا اللفظ معنى فعرفها: "ما اختص به الإنسان من المحامد كالحنو وكرم الأخلاق". وقال نظير زيتون في كتاب (الإنطلاقات الإنسانية): "إن لفظ (إنسانية) انتقلت إلينا من الغرب في مطلع القرن المنصرم على إثر انتشار الثقافة الغربية في الشرق العربي".
…واقتفى أثر بطرس البستاني، محمد فريد وجدي في دائرة معارف القرن العشرين فخصص ستاً وثلاثين صفحة ليبحث في كلمة إنسان(٣). وهو لا يعتد بكلامه لأنه خارج زمن الاحتجاج. ولذلك يعدّ لفظ الإنسانية دخيلاً على لغتنا.

(١) ص ٨١-٨٢، خاطرات جمال الدين الأفغاني.
(٢) بطرس بن بولس بن عبد الله البستاني (ت ١٣٠٠هـ)، له دائرة المعارف العربية، طبع في حياته (٦) مجلدات، ثم أكمله أبناؤه إلى (١١) مجلداً ولم يتم. (هدية العارفين، للبغدادي، ٥/٢٣٣، والإعلام، للزركلي، ٢/٥٨.
(٣) هذا ملخص من مجلة العربي الصادرة في الكويت، ص ١٦٥، عدد إبريل (نيسان) ١٤٠٢هـ-١٩٨٢م.


الصفحة التالية
Icon