…فسّر قوله تعالى :﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ﴾ (١): "وليس هذا شأن الأنبياء وحدهم في إيمان بعضهم ببعض، وتصديق بعضهم بعضاً، ونصرة بعضهم بعضاً.. بل هو شأن أتباع الأنبياء جميعاً إذ هم المؤمنون بالله وكتبه ورسله. فكل دعوة نبي هي دعوة جميع الأنبياء، وأتباع الأنبياء، ومعاداة أي نبي وأتباع أي نبي هي محاربة لله ولرسوله ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ (٢). وأتباع الأنبياء المؤمنين برسالات الأنبياء هم جميعاً إخوة يجمعهم التوحيد بالله والعبودية لله(٣).
…وهكذا آخى د. الخطيب بين الأديان الثلاثة، وصيّر آية الحجرات التي تتحدث عن طائفتين من المسلمين لتكون لليهود والنصارى والمسلمين، وجعل الصراع الفكري والجدال بين الإسلام وغيره وما قد ينجم عنه محاربة لله ولرسوله، وهذا قلب لمفاهيم الإسلام.
…وقد أكد د. الخطيب مفهومه هذا عند تفسير قوله تعالى: ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ (٤). فقال: "فليس المراد بالإسلام هو الشريعة الإسلامية التي جاء بها محمد - ﷺ - خاصة. إذ ليست هذه الشريعة بدعاً من الشرائع السماوية التي سبقتها. بل هي وما قبلها من الشرائع من يهودية ونصرانية وغيرها على سواء فجميعها شريعة الله، وكلها الإسلام الذي هو الدين عند الله ولا دين غيره"(٥).

(١) سورة آل عمران، من الآية ٨١.
(٢) سورة الحجرات، من الآية ١٠.
(٣) التفسير القرآني للقرآن، د. عبد الكريم الخطيب، م١، ٣/٥١٠.
(٤) سورة آل عمران، من الآية ٨٥.
(٥) التفسير القرآني للقرآن، د. عبد الكريم الخطيب، م٢، ٣/٥١٥.


الصفحة التالية
Icon