…أما القول الأول فظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب. فقد يتبادر للذهن أنه لا يأخذ العقيدة إلا عن دليل قطعي كما ذهب علماء الأصول ولكن طبق هذا على الأحكام الشرعية فألغى بذلك جل الحديث النبوي الشريف.
…وأما القول الثاني فأوله صحيح وحق أريد به باطل. فخبر الواحد العدل عن مثله إلى رسول الله - ﷺ - يوجب العلم والعمل جميعاً(١). وأوسطه قائم على نظرية الاحتمال والشك مبعثها نظرية النقد في الأدب العربي، المستوردة من المستشرقين، وآخره زعم بلا دليل.
…وأما القول الثالث فيوحي بأن قول الشيخ محمد عبده شرع وهو معصوم كأئمة بعض الشيعة. وهو زعم مردود لأن الشرع والعصمة للأنبياء فقط لأنه يوحى إليهم. وما دونهم يؤخذ منهم ويرد عليهم، والواقع أنه ردّ أحاديث الفتن وغيرها مما ورد في الصحاح، ورد السنة القولية بجملتها كما سيأتي بعد قليل.
…وأما القول الرابع فهو تطبيق لنظرية جواسيس الغرب (المستشرقين) خلاصتها أن الإسلام تأثر باليهودية والنصرانية، وأن الحديث مشكوك فيه لأنه وضع حسب الأغراض السياسية التي وضعته الفرق الإسلامية. وفيه طعن بمسلمي أهل الكتاب وتشكيك في إخلاصهم وصدقهم مع أن بعضهم بشرهم الرسول بالجنة حسبما ورد في الصحيحين. والمأثور يعني الحديث وأقوال الصحابة والتابعين، وهذه السلسلة التي ثبت بها شرعنا الحنيف فإذا تطرق إليها الشك فإنه يتطرق إلى الشريعة نفسها. وهذا بهتان عظيم.
…وأما القول الخامس فهو من السخف والسخرية أن يجمع الشيخ رشيد التباكي والحرص على القرآن والتحسر على ما لم يحفظ من السنة النبوية وبين التجني على ما حفظ منها والعمل لهدمها.
…وأما القول السادس فهو طعن بصدق النبي - ﷺ - ومناقض للقرآن الكريم

(١) انظر رأي ابن حزم ص ٥٠، الباعث الحثيث للحافظ ابن كثير، طبعة ١٩٩٤م، توزيع مكتبة السنة، القاهرة.


الصفحة التالية
Icon