رد رواية عبد الله بن الزبير بزعم خطير بأن جعل مدار البحث الرأي وليس نص الحديث. وفيه طعن بالصحابي الجليل بأنه يتعصب لقول خالته ومعلمته على حد تعبيره ويقدمه على نص الوحي، وهذا إفك مبين. وكذلك ردّ رواية تابعية من الثالثة(١) عمرة التي روى لها الستة بدون دليل. وهو يعمد على إبطال قاعدة الصحابة كلهم عدول.
رد الحديث بالعقل وهو لعدم ذكره في القرآن أو لأنه لم يتوصل إلى الحكمة من النسخ؟ وهذا مخالف لطريقة رد الحديث رواية ودراية كما هو ثابت في أصول علم الحديث.
إن الحكم نسخ تلاوة ولم ينسخ حكماً.
- ثانياً: حديث (لا وصية لوارث).
…قال الشيخ رشيد: فيه نظر، وقال: "والحديث من الآحاد. وتلقي الأمة له بالقبول لا يلحق بالمتواتر"(٢). وقال: "وأما الحديث فقد أرادوا أن يجعلوا له حكم المتواتر، أو يلصقوه بتلقي الأمة له بالقبول ليصلح ناسخاً على أنه لم يصل إلى درجة ثقة الشيخين به فلم يروه أحد منهما مسنداً"(٣).
…وقال: "ورواية أصحاب السنن محصورة في عمرو بن خارجة وأبي أمامة وابن عباس، وفي إسناد الثاني إسماعيل بن عياش تكلموا فيه، وإنما حسنه الترمذي لأن إسماعيل يرويه عن الشاميين، وقد قوى بعض الأئمة روايته عنهم خاصة. وحديث ابن عباس معلول إذ هو من رواية عطاء بن أبي رباح موقوف على ابن عباس، وما روي غير ذلك فلا نزاع في ضعفه، فعلم أنه ليس لنا رواية للحديث صحت إلا رواية عمرو بن خارجة، والذي صححها هو الترمذي وهو من المتساهلين في التصحيح، وقد علمت أن البخاري ومسلم لم يرضياها فهل يقال إن حديثاً كهذا تلقته الأمة بالقبول"(٤).

(١) هي عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة الأنصارية، أكثرت عن عائشة وروى لها الستة وهي ثقة بلا ريب. انظر تقريب التهذيب لابن حجر، ص ٧٥٠، ترجمة ٨٦٤٣، دراسة محمد عوامة، دار الرشيد، سوريا، ط٤، ١٤١٢هـ، ١٩٩٢م.
(٢) ٢/١٣٦، تفسير المنار.
(٣) ٢/١٣٦، تفسير المنار.
(٤) ٢/١٣٨، تفسير المنار.


الصفحة التالية
Icon