أما ردّه للحديث لأن البخاري ومسلماً لم يروياه فهذه بدعة ومع ذلك فلم يلتزم أصحاب المنار بها حيث ردّوا أحاديث اتفق عليها الشيخان وشاطرهم في صحتها أصحاب السنن وأحمد كما سيأتي بعد قليل، ومن البديهي عند علماء الحديث كافة أن البخاري ومسلماً لم يدّعيا أنهما جمعا الأحاديث الصحيحة كلها(١). فكيف نجرؤ على نفي حديث صحيح لأنه لم يرد في الصحيحين؟
- ثالثاً: رد أصحاب تفسير المنار أحاديث الشيخين التي تحرم الحمر الأهلية والسباع وكل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير عند تفسير قوله تعالى: (قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( (الأنعام: ١٤٥).
…ساق أصحاب المنار سبعة أحاديث من كتاب الدر المنثور للسيوطي مع بيان مخرّجيها وهم: ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي ومالك وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن خمسة من الصحابة وهم عبد الله بن عمر، وأبو ثعلبة الخشني، وأنس، وجابر بن عبد الله، وأبو هريرة، ثم عقَّبوا على ذلك:
"هذه جملة الأحاديث والآثار التي أوردها السيوطي في تفسير هذه الآية مما يؤيد الحصر في الآية ويخالفه"(٢).

(١) قال الحافظ ابن كثير: "إن البخاري ومسلماً لم يلتزما بإخراج جميع ما يُحكم بصحته من الأحاديث، فإنهما قد صححا أحاديث ليست في كتابيهما، كما ينقل الترمذي وغيره عن البخاري تصحيح أحاديث ليست عنده بل في السنن وغيرها". انظر ص ٣٤، الباعث الحثيث، لابن كثير، تحقيق أحمد شاكر، توزيع مكتبة السنة، القاهرة.
(٢) ٨/١٥٣، تفسير المنار.


الصفحة التالية
Icon