فقد فصلت الآيات تحريم عشرة أصناف من الأنعام مفصول بينها بحرف النسق الذي يفيد المغايرة. أي المغايرة في النوع والاشتراك في حكم التحريم. ولما كانت الآية نزلت في حجة الوداع فإنه يؤكد أن الحصر في آية الأنعام كان للرد على ما كان من أمر الجاهلية. وتكراره في هذه الآية المدنية دلالة على عدم نسخه أي لتثبيته وأضافت الآية عليه ستة أصناف أخرى من المحرمات من الأنعام. ويكون ما ورد في السنة بياناً لعموم آيات تحريم الخبائث، وبياناً لحل الطيبات(١) أشكل بعضها على الناس ومنها الضب والقنفذ والأرنب مما لم يأكله رسول الله - ﷺ -.
وأما قولنا في غير ما ورد به نص فقد قال الشوكاني: "الاستدلال إنما يتم في الأشياء التي لم يرد النص بتحريمها وأما الحمر الإنسية فقد تواترت النصوص على ذلك. والتنصيص على التحريم مقدم على عموم التحليل وعلى القياس"(٢).
وأما قوله إن آية الأنعام ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا ﴾ (٣)، خاصة باليهود. وردّ الأحاديث الصحيحة بناءً على ذلك فلا وجود له في الاستدلال. لأنه لا تعارض بأن يكون بعض شرع من قبلنا مماثلاً لما شرع إلينا. والأحاديث صريحة بتحريم هذه الأمور على المسلمين وليس على اليهود بدليل إكفاء القدور يوم خيبر.

(١) ما ورد في سورة الأعراف ﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ ﴾ (الأعراف: من الآية ١٥٧) وهي مكية.
(٢) ٨/١١٤، نيل الأوطار للشوكاني، طبعة المكتبة التوفيقية، القاهرة.
(٣) سورة الأنعام، من الآية ١٤٦.


الصفحة التالية
Icon