إن المدقق في أقوال أصحاب المنار يجد أنهم يحللون كل شيء على الإطلاق، حتى الأشياء الأربعة الواردة في سورة الأنعام(١)، وكذلك ما ورد في سورة البقرة(٢) والمائدة(٣) والنحل(٤). لأنه أوقف التحريم على العلّة. وجعل العلّة هي الضرر(٥). وهي وصف غير منضبط. وإذا زالت العلّة وهي الضرر –حسب زعمه- بإنضاج الطبخ أو الشوي فيزول التحريم. فكان تحريم ما ورد في الأربعة عارضاً. حتى تحريمه لما أُهِلَّ لغير الله به فقال: إنه حرم دينياً. أي أنه لا ضرر فيه. وقال عن لحم الخنزير: "من أجمل اللحوم منظراً فلا يعافه إلا من يعتقد حرمته وذلك استقذار معنوي لا حسّي"(٦).

(١) الآية التي نحن بصدد تفسيرها ﴿ قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ ﴾ (الأنعام: من الآية ١٤٥).
(٢) ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ ﴾ (البقرة: من الآية ١٧٣).
(٣) ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ ﴾ (النحل: ١١٥).
(٤) ٦/١٣٤، ١٣٥، تفسير المنار.
(٥) ٨/١٤٨، تفسير المنار.
(٦) منها (حرّم رسول الله - ﷺ - لحوم الحمر الأهلية)، أخرجه ابن شيبة والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي ثعلبة. ومنها (أن رسول الله - ﷺ - نهى عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير) أخرجه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي ثعلبة الخشني. ومنها عن جابر (أن النبي - ﷺ - نهى عن أكل الهرّة وأكل ثمنها). أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه.


الصفحة التالية
Icon