وَكِلا الفريقين من العلماء يعلمون بهذه الأحاديث. وأما الاقتصار على الكتاب وطرح السنة، والاعتماد على الرأي في فهم القرآن هو رأي قوم لا خلاق لهم خارجين عن السنة فعوّلوا على أن الكتاب فيه بيان كل شيء فاطرحوا أحكام السنة فأداهم ذلك الانخلاع عن الجماعة وتأويل القرآن على غير ما أنزل الله(١). والطريق المثلى هي اتباع قوله - ﷺ -: (ألا وإن ما حرم رسول الله - ﷺ - مثل ما حرّم الله) (٢). روى أبو داود في سننه عن المقداد بن معد يكرب أن رسول الله - ﷺ - قال: (ألا إنني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته يقول عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السباع، ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه فإن لم يقروه فعليه أن يعقبهم بمثل قراه) (٣).
إن ما شن أصحاب المنار حرباً شعواء عليه بأن أحاديث تحريم الحمر الأهلية ناسخة أو مخصصة للآية لم نسمع به منقولاً عمن يعتد برأيهم في الفقه أو التفسير أو الأصول. ولم ينسب لأحد من الصحابة أو التابعين فلعلها ذريعة استخدمها ليبطل العمل بالأحاديث الصحيحة. والمعتمد عند جمهور العلماء أن السنة لا تنسخ القرآن.

(١) ٤/١٢، الموافقات للشاطبي.
(٢) ٤/٣٥، الموافقات للشاطبي.
(٣) ٤/٣٥، الموافقات للشاطبي.


الصفحة التالية
Icon