…وقد توصل الشيخ دروزة إلى نتيجة مذهلة خلاصتها: "إن الجلد حكم قرآني، والرجم سنة نبوية، ولا تناقض بين الحكم القرآني والرجم النبوي من حيث المبدأ لأنه كما قلنا من قبل من باب التشريع النبوي في ما سكت عنه القرآن أو تركه مطلقاً(١). فجعل حكم الرجم سنة نبوية. ورأى أن من يقول به يكون قد جمع بين الحكم القرآني والسنة النبوية. والجمع مختلف فيه على ذمته حيث قال: "وفي نهاية هذا البحث يحسن أن ننبه على أمر، وهو أن الرجم للمتزوج هو ما عليه معظم المذاهب، وأن هناك من لا يأخذ به ويتمسك بالنص القرآني فقط. وهو الجلد مائة للزناة عامة لا فرق بين محصن وأعزب، وقد ذكر السيوطي هذا عن الخوارج(٢). وقال: يصح القول أن آية النور عللت حكم الزناة في آيتي النساء (١٥، ١٦) مع بقاء عدد الشهود"(٣).
…وأس البلاء في المسألة ما أحدثه من قاعدة حكم قرآني وحكم نبوي، وهي دعوى لا تستند إلى دليل منبعها العقل الحر الذي يعد السبيل القوي لقبول الروايات أو رفضها.
موقف جمال الدين القاسمي من أحاديث رجم الزاني المحصن.
…لقد كانت طريقته في رد الأحاديث الصحيحة السلب أي إهمالها إهمالاً تاماً، وتجاهلها كلية وكأنها غير موجودة فمثلاً في حكم حد الزاني المحصن لم يتطرق البتة إلى الأحاديث وقال في تفسير آية الجلد في سورة النور: "أي كل من زنى من الرجال والنساء فأقيموا عليه هذا الحد وهو أن يجلد أي يضرب على جلده مائة جلدة عقوبة لما صنع"(٤).

(١) ١٠/١١، التفسير الحديث، محمد عزت دروزة.
(٢) ١٠/١٣، التفسير الحديث، محمد عزت دروزة.
(٣) ١٠/١٣، التفسير الحديث، محمد عزت دروزة.
(٤) القاسمي، محمد جمال الدين، محاسن التأويل، طبعة دار الفكر، بيروت، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، ١٢/١١٠.


الصفحة التالية
Icon