…وفي مقام آخر تحدث عن الحج عند العرب في الجاهلية. وقال إن العرب هم أقدم أمة عندها عادة الحج، ثم تحدث عن الحج عند النصارى، وهي زيارتهم إلى (أورشليم) وكذلك زيارة قبر (ماربولس) وقبر (ماربطرس) برومة وحج النصارى الذي لا يعرفه كثير من الناس وهو أقدم حجهم أنهم كانوا قبل الإسلام يحجون إلى مدينة عسقلان. وقال: والمظنون أن الذين ابتدعوا حجها هم نصارى الشام من الغساسنة لقد حرف الناس عن زيارة الكعبة(١). ثم استطرد عن الحج عند المصريين القدماء والكلدان إلى البلدان المقدسة عندهم، ثم تحدث عن اليونان وزياراتهم لكثير من المواقع المقدسة مثل أولمبيا وهيكل (زفس) وللهنود حجوج كثيرة(٢). ولا يخفى أن أمثال هذه الأمور لا علاقة لها ببيان كلام رب العالمين.
…فالاستطراد الذي لا علاقة له بالتفاسير سمة عند مدرسة محمد عبده، وكأنها دعوة إلى تلاقح الثقافات، والتقريب بين أهلها. مع أنه أمر مستحيل لكنهم لا ييأسون من العمل على تحقيقه. والاستحالة آتية من جمع المتناقضات. فثقافة الإسلام من الخالق وثقافة أهل الأديان الأخرى من وضع البشر. فلا تلاقي بينهما. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
ب- سوق الكلام بصيغة الاستحسان:
…اعتاد من تعمدوا إدخال الشوائب إلى تفاسيرهم في القرن العشرين أن يسوقوا الكلام بدون ردّه أو الإنكار عليه مع أنه ظاهر البطلان، وربما ادعوا حقيقة زائفة بدون إقامة الدليل عليها، أو قد يستشهدون بقصة تافهة من الواقع أو الخيال وكأنها دليل يعتد به، وإليك أمثلة على مثل هذه الشوائب التي تسللت إلى التفسير تحت جنح هذا الأسلوب.
سوق الكلام في تفسير المنار بصيغة الاستحسان:
(٢) التحرير والتنوير، محمد الطاهر بن عاشور، ٢/٢١٩.