أسلوب سوق الكلام مع أنه ظاهر البطلان ولا يستنكره.
٦- حكم لحم الخنزير عند طنطاوي جوهري.
…قال في تفسيره سورة الأعلى، مع أنه لم يرد فيها ذكر للخنزير: "قال عالم من علماء الغرب: وبعبارة أقرب ألا نأكل منه إلا ما كان مطبوخاً طبخاً تاماً. فإن الطبخ المعتاد الذي لا مبالغة فيه لا قوة له على التأثير في هذا الحيوان الطفيلي (الديدان الشريطية في الخنزير) الثقيل انظر شكل (١١٤). وقال: (إن هذه الدودة أصبحت عادية في بلاد أمريكا، وفي بلاد الألمان فإذا ما كان لحم الخنزير المشتمل على تلك الدودة الصغيرة غير مطبوخ طبخاً جيداً وأكل منه إنسان مثلاً فإن الدود الكثير العدد الذي اشتمل عليه هذا اللحم إذا وصل إلى الأمعاء ألقى بيضه فيها(١). ثم قال الشيخ طنطاوي (وليس العالم) وهناك دودة أخرى تسمى (تريتشنا) صغيرة جداً لا ترى بالعين المجردة، وتعيش في لحم الخنزير، وإذا أردنا إهلاك هذه الحشرة فعلينا أن نطبخ لحم الخنزير طبخاً جيداً ولنحترس من أكله إلا بعد أن نتحقق من تمام الإنضاج"(٢). فهل من يقرأ قول هذه الجواهر –حسب تعبير صاحبها- يفهم أن لحم الخنزير حرام؟ مع أن النهي جاء بصيغة لفظ التحريم مقرونة بالميتة والدم وما أهل لغير الله به ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ ﴾ (٣). وعليه فسوق الكلام بصيغة الاستحسان والسكوت عليه مع أن المقام يقتضي الإنكار أسلوب اتخذه بعض المفسرين في القرن العشرين لإدخال الشوائب في تفسيرهم. وأكتفي بهذا القدر من الأمثلة التي في ظني أنها كافية لتوضيح الأسلوب الذي دخلت منه بعض الشوائب إلى المسلمين من

(١) المصدر السابق، م٢، ٣/١٣٨.
(٢) المصدر السابق، ص ١٤٠.
(٣) سورة المائدة، آية ٥. وانظر سورة البقرة، آية ١٧٣ ﴿ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ ﴾.


الصفحة التالية
Icon