لقد عرّف علماء الحديث السنة بأنها: "كل ما أضيف لمحمد النبي - ﷺ - من قول أو فعل أو تقرير أو وصف"(١). وأحاديث أشراط الساعة هي من قول الرسول - ﷺ - خرج من بين شفتيه الكريمتين، فهي ليست أفعالاً ولا تقريراً ولا وصفاً يحتمل أن يكون اللفظ من غيره - ﷺ -، وما روي من ألفاظ من عند الصحابة بدل بعض الكلمات المنسية فقد أظهرها علماء الحديث ولم تخف عليهم أبداً ولهذا ميّزوا الحديث المرفوع من الموقوف من المرسل، وقالوا هذا مدرج من الصحابي فلان أو الراوي علان، أو هذا مدى علم فلان الخ وهكذا فكل ما وقع من الاستثناء في أجزاء الحديث مما رخص رسول الله - ﷺ - به، فهو مميز ولا يعد من جوامع الكلم. والقول بألفاظ غير ما نطق به الرسول - ﷺ - متعمداً، وإسنادها إليه يعد من الكذب الذي ورد النهي عنه في الحديث المتواتر(٢). وهذا لم يبلغنا أنه وقع من الصحابة - رضي الله عنه - قط. وأحاديث أشراط الساعة أقوال نطق بها رسول الله - ﷺ - عن أمور ستحدث في المستقبل قبيل قيام الساعة لا يعلمها الصحابة، وليس للصحابة الكرام فيها غير النقل الحرفي، ولا شأن لهم في صياغتها ونظمها. وبالتالي فهي ليست أفهاماً للصحابة - رضي الله عنه - أجمعين. وقد اشتهر عن العرب أنهم كانوا يحفظون تراثهم في الصدور دون السطور، وقد بلغنا معلقات الشعراء السبع والعشر على طولها فلم يعجزوا عن حفظ أحاديث الوحي وهي مقدسة عندهم لا تتجاوز الأسطر وفي أطول حالاتها ثلاث صفحات(٣)
(٢) من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)، رواه البخاري ومسلم، وانظر الباعث الحثيث ص ١٤٣-١٤٥، لابن كثير، توزيع مكتبة السنة، القاهرة، ١٩٩٤م.
(٣) منها حديث ابن عمر في قصة أصحاب الغار الثلاثة، رواه مسلم في كتاب الرقاق، ١٧/٥٥-٥٨، بشرح النووي، وحديث بدء الخلق عن عائشة رواه مسلم في صحيحه.