. وحتى الروايات الطويلة لا تجد فيها اختلافاً إلا ألفاظاً قليلة فلو كانت رويت بالمعنى على طولها فينبغي أن تأتي مختلفة اختلافاً كبيراً. ولقد اقتضت حكمة الله –تعالى- أن ينزل هذا الدين –الذي تكفل بحفظه- على أمة العرب الأميّة وليس ذلك عبثاً ولا مصادفة.
إن رواية أحاديث طلوع الشمس من مغربها لم تقتصر على أبي هريرة، فقد رواه حذيفة بن أسيد الغفاري(١)، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وقد صرح بالسماع، قال: حفظت من رسول الله - ﷺ - حديثاً لم أنسه بعد، سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: (إن أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها) (٢). وعليه يسقط ادعاء الشيخ رشيد من احتمال رواية أبي هريرة عن كعب الأحبار. بالإضافة إلى قبولها إن وقعت. إلا أن الاحتمال هنا مردود لأن أبا هريرة صرح بأن رسول الله - ﷺ - قال. ولأن صحابة آخرين صرحوا بسماعهم من رسول الله - ﷺ -. فتدفع تخيلات وشكوك الشيخ رشيد ومن سار على دربه. وأما قوله فتكون مرسلة، فهي أكثر افتضاحاً لأن المرسل من يرويه تابعي ومنهم كعب الأحبار - رضي الله عنه - دون ذكر الصحابي(٣). والرواية هنا عن أبي هريرة وقد رفع الحديث إلى الرسول - ﷺ -. فضلاً عن تصريح كل من حذيفة وعبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - بالسماع من رسول الله - ﷺ -.
(٢) صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب الفتن، ١٨/٢٧-٢٩. وحذيفة هو أبو سريحة.
(٣) الحديث المرسل: هو ما أضافه التابعي إلى النبي - ﷺ - مما سمعه من غيره. ٢/٢٨٣، توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار، لمحمد بن إسماعيل الأمير (ت١١٨٢هـ)، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة السلفية، المدينة المنورة.