أحدث الشيخ رشيد قاعدة لرد الأحاديث لم نعهدها عند علماء الحديث فقال: "نحمل التعارض بين الروايات وما في بعضها من مخالفة الأدلة القطعية على ما أشرنا إليه من الأسباب كالرواية عن مثل كعب الأحبار من رواة الإسرائيليات".
والتعارض عند العلماء هو تقابل دليلين على وجه يمنع كل منهما صاحبه، ولم يكن لأحدهما مزية على الآخر، وهو لا يقع بين الدليلين القطعيين مطلقاً، ولا بين الدليلين الظنيين كذلك، لأن التعارض ينافي قاعدة إعمال الدليلين، ولا يتصور تعارض بين فعلين من أفعال الرسول - ﷺ -، ولا بين قوله وفعله إلا في حالة واحدة هي النسخ. وما عدا هذه الحالة يكون من باب التعادل والتراجيح أو يمكن الجمع بينهما. وإعمال الدليلين يقتضي التدقيق في الأدلة من كل وجه العموم والخصوص والأحوال، وغير ذلك مما جاء مفصلاً عند علماء الأصول(١).
والإحداث في قاعدة الشيخ رشيد أن يعزو سبب التعارض على فرض وقوعه لاحتمال الإسرائيليات. وهو زعم يخذله عدم إقامة الدليل عليه. ثم إن الإسرائيليات كمصطلح هي القصص الوارد من بني إسرائيل أو من النصارى وليس له سند متصل مرفوع. وأحاديث أشراط الساعة ليست من هذا القبيل ولها سند متصل مرفوع. وقد رواها عدد لا بأس به من الصحابة.

(١) انظر المسألة الرابعة والخامسة، الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، ١/١٤٢-١٤٦، مكتبة ومطبعة محمد علي صبيح، ١٣٨٧هـ-١٩٦٨م.


الصفحة التالية
Icon