ادعى الشيخ رشيد اضطراب متون أحاديث أشراط الساعة. ولم يبيّن موضع الاضطراب. وهو ادعاء لا ينطبق على الواقع. وحقيقة الحديث المضطرب أنه الذي اختلفت وجوه روايته، سواء أكان راوي هذه الوجوه المختلفة راوياً واحداً أو رُواة متعددين بشرط ألا يترجح بعضها على بعض(١). والمتتبع لأحاديث أشراط الساعة لا يجد متونها مضطربة حيث لم تختلف مخارج الأحاديث، ولم تتباعد الألفاظ، وهي أحاديث متعددة في وقائع متعددة، فالذي يتعين في مثل هذه الحالات أن تجعل أحاديث متعددة مستقلة. فلا إشكال في اضطرابها في مثل هذه الحالات. علماً بأن الحديث المضطرب لا يكون ضعيفاً دائماً بل منه الضعف ومنه الصحيح. وأحاديث أشراط الساعة وردت في الصحيحين وفي السنن والمسانيد فهي للتواتر أقرب. وعليه فلا وجه لما ادعاه الشيخ رشيد من اضطراب أحاديث أشراط الساعة، وطلوع الشمس من مغربها إنما يقع عند إشراف قيام الساعة. قال الطيبي: الآيات أمارات للساعة. إما على قربها وإما على حصولها. فمن الأول الدجال، ونزول عيسى ويأجوج ومأجوج والخسف ومن الثاني الدخان وطلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة والنار التي تحشر الناس(٢). وقال ابن حجر: "وأن طلوع الشمس من المغرب هو أول الآيات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي، وينتهي ذلك بقيام الساعة، ولعل خروج الدابة يقع في ذلك اليوم الذي تطلع فيه الشمس من المغرب. وقد أخرج مسلم(٣)

(١) توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار، ٢/٣٦، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة السلفية، المدينة المنورة.
(٢) انظر فتح الباري لابن حجر، ١١/٣٥٢، كتاب الرقاق، ٨١، شرح الحديث ٦٥٠٦.
(٣) وأخرج مسلم في باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: (ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً: طلوع الشمس من مغربها والدجال، ودابة الأرض). م١، ٢/١٩٥، صحيح مسلم بشرح النووي.


الصفحة التالية
Icon