أسماء السور توقيفي، ويعترف الشيخ عبد الكريم الخطيب بذلك(١)، وقد ورد لبعض سور القرآن أكثر من اسم، ومنها سورة الإسراء، وسميت سورة سبحان، وسورة بني إسرائيل، وقد أخرج البخاري عن عبد الله بن مسعود قال: (في بني إسرائيل والكهف ومريم إنهم من العتاق الأول وهنّ من تلادي) (٢). وبذلك يخرج د. الخطيب عن إجماع المسلمين في هذه التسمية التي لا تتأتى إلا عن طريق السماع. ويضرب بما رواه البخاري عرض الحائط.
المدقق في كلام الشيخ الخطيب يجد أنه من محض الخاطر الذي طرأ على ذهنه. فقد جابه الحقائق القطعية من الحديث بأسماء السور باتهامات باطلة دون أن يستند إلى شبهة دليل لأن الموطن لا مجال فيه لغير السماع. ولو رجع إلى سند الحديث في صحيح البخاري لما وجد فيه اسماً ممن يشنون الحرب عليهم عادة من ثقات مسلمي أهل الكتاب، أو أبي هريرة، أو ابن عباس، أو أبي ذر، فالراوي هو عبد الله بن مسعود.
إن العقل الذي استند إليه في رد رواية البخاري يدينه فقد ذكر أن لأبي لهب سورة باسمه. أي أن اسم السورة لا يدل على فضل الاسم. فاسم سورة البقرة ليس لبيان فضل البقرة وتقديسها، واسم سورة تبّت أو المسد بأبي لهب ليس فضلاً له، وهي تذمه وتُعبِّد الناس بمذمته، وكذلك سورة الإسراء التي سميت ببني إسرائيل ليس فضلاً لهم. ويكفي أن يستعمل اسمهم في الشتم وضرب المثل في السوء.

(١) انظر م٩، ١٨/١١٩٩، التفسير القرآني للقرآن، تفسير فاتحة سورة النور.
(٢) ٦/١٠٣، صحيح البخاري، كتاب التفسير، طبعة دار الشعب. العتاق: جمع عتيق، القديم، أو بالغ الجودة. والتلاد: قديم الملك، والمراد من قول ابن مسعود أنه من أول ما تعلم من القرآن. انظر الاتقان للسيوطي، ١/٧٢، النوع السابع عشر في معرفة أسمائه وأسماء سوره، طبعة مصطفى الحلبي، وفي هامشه، إعجاز القرآن للباقلاني، ط٤، ١٣٩٨هـ-١٩٧٨م.


الصفحة التالية
Icon