…والناظر في تفسير دروزة يرى أنه وجه الانتقاد والاستغراب من المعنى المادي وهو المتبادر للذهن في اللغة، والمنقول إلينا بالتواتر. وفرّ منه إلى المجاز الذي لا توجد قرينة في النص تدل على صرفه إليه. والكرسي بالمعنى المعهود لا يتنافى مع تنزيه الله تعالى. ولو كان كذلك لجاءت قرينة لتصرف المعنى الحقيقي إلى معنى مجازي.
إماتة الرجل مائة عام في تفسير أبي زيد الدمنهوري:
…قال محمد أبو زيد الدمنهوري عند قوله تعالى: ﴿ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هََذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾ (١): تمثيل ترى صورته حين تموت في نومك فيمر عليك مائة سنة في نظرك ثم تصحو فتجدك لم تلبث إلا قليلاً من الزمن لم يتغير فيه ما عندك من الطعام والشراب، فالعجب ممن ينكرون البعث والقيامة وهم يبعثون كل يوم من نومهم"(٢).
…وقد غلى أبو زيد الدمنهوري في تأويل المعجزات المادية عبر تفسيره كله وليس في هذا المقام فحسب مع أن النص قطعي لا يحتمل التأويل ﴿ فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ﴾ (٣).
معجزة العصا لسيدنا موسى عليه السلام في تفسير الدمنهوري:
…قال أبو زيد عند قوله تعالى: ﴿ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ ﴾ (٤): "انظر كيف يكون التمثيل في قوة الحجة والبرهان"(٥).

(١) سورة البقرة، الآية: ٢٥٩.
(٢) تفسير الهداية والعرفان في تفسير القرآن، الدمنهوري، محمد أبو زيد، ص٣٥، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، ١٩٣٢م-١٣٤٩هـ، وهو موجود في الهيئة المصرية العامة تحت رقم تفسير ١١١٦.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٥٩.
(٤) سورة الشعراء، الآية: ٣٢، ٣٣.
(٥) الهداية والعرفان في تفسير القرآن، محمد أبو زيد، ص ٢٨٨.


الصفحة التالية
Icon