إن لفظ الكافر مما بلغنا معناه بالتواتر أنه يطلق على المخالف للمسلمين في العقيدة. وقد تنوسي المعنى اللغوي الذي وضعه العرب بمعنى المزارع الذي يستر الحب في الأرض ويخفيه. فصار المعنى الشرعي علماً على هذا اللفظ. ولهذا لا قيمة لقول الشيخ رشيد "ولا يصدنك عن قبول هذا القول إطلاق ما ذكر في العصر الأول للملة على كل مخالف".
إن المسلمين نهوا نهياً جازماً عن استعمال مصطلحات المخالفين لهم في دينهم إذا كانت المصطلحات تتعلق بوجهة النظر في الحياة. فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ (١). فلفظ راعنا، ولفظ انظرنا، من حيث اللغة متقاربان، ولكنهما مختلفان في الاصطلاح كما ورد في سبب نزول الآية. فنهانا الله عز ثناؤه عن استعمال لفظ "راعنا" لأنه بمعنى السب القبيح عند اليهود، ولذلك فإن مصطلحات الإسلام مفاهيم عند المسلمين يجب التقيد بها وجوباً عينياً لا فرض كفاية.
…ويهمني في هذا الأسلوب أن أبلغ القارئ رسالة القوم حسبما يقولون ويعتقدون. وتطبيقاً لمعنى الكفر عند أصحاب المدرسة العقلية الحديثة فقد نافح الشيخ رشيد عن شبلي شميل النصراني السوري الذي كان يجاهر بكفره على صفحات الجرائد، وفي كتبه المنشورة على الملأ، وفي رسائله الخاصة للشيخ رشيد. ونافح عن شخصيات رثاهم في مناره، أو عدد مناقبهم –وقد زادوا عن مائة شخصية – ظاهري الكفر ومنهم: الأب لاون الثاني، والقس تيلر، وقد عدّ البابية والقاديانية بأنهم دعاة للإسلام.
…وقد شهد الشيخ رشيد للأرثوذكسي برتبة أرشمنديت، خريستوفر جبارة، فقال: "أنا أعتقد أنه مؤمن ناج عند الله إذا كان قد مات على ما عرفته منه وهو في مسألة الصلب متأول معذور"(٢).

(١) سورة البقرة، الآية: ١٠٤.
(٢) تاريخ الأستاذ الإمام، رضا، محمد رشيد، ١/٨٢٨.


الصفحة التالية
Icon