…وقال الشيخ رشيد: "نحن المسلمين نعتقد أن دين المسيح عليه السلام هو الإسلام الذي بيّنا معناه آنفاً"(١). أي جميع الأديان. وقال تأكيداً لهذا المعنى: "وعلم مما تقدم أن المراد بالإسلام معناه الذي شرحناه فمن قام به هذا المعنى فهو المسلم في عرف القرآن، وليس المراد به اسم في حكم الجامد يطلق على أمة مخصوصة حتى يكون كل من يولد فيها أو يقبل لقبها مسلماً ذلك الإسلام الذي نطق به القرآن ويكون من الذين تنالهم دعوة إبراهيم عليه الصلاة والسلام"(٢).
…وقال عند قوله تعالى: ﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ (٣): "تطلق الأمة في كتاب الله تعالى بمعنى الملة. أي العقائد وأصول الشريعة كما في قوله: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ (٤). أي أن جميع الأنبياء ورسل الله على ملة واحدة ودين واحد كما قال: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ ﴾ (٥). والمغالطة التي يدور الشيخ رشيد ويلف حولها هي التوحيد الجامع للأنبياء عليهم السلام، ولكنه في الإسلام لا يكفي للنجاة من الكفر لأن الإسلام جاءنا ناسخاً للشرائع السابقة، ومهيمناً عليها. أصحابها مطالبون بترك أديانهم والإيمان برسالة محمد - ﷺ - التي هي وحدها الإسلام إذا أطلق هذا اللفظ. وقد جاء محلى بالألف واللام التي تفيد العهد. ولا مجال للإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعضه، حتى ولو بآية واحدة منه. ولهذا فقوله مردود لا محل له في الإسلام وهو شائبة من الشوائب.

(١) تفسير المنار، ٣/٢٥٩.
(٢) تفسير المنار، ١/٤٧١. قال ذلك في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ ﴾ (البقرة: من
الآية ١٢٨).
(٣) سورة البقرة، الآية ٢١٣.
(٤) سورة الأنبياء، الآية: ٩٢.
(٥) سورة آل عمران، الآية: ١٩.


الصفحة التالية
Icon