ثالثاً: معنى الدين:
…قال الشيخ محمد عبده: "اللهم إلا إذا ظن هؤلاء وأولئك (١) أن الدين حيوان يمشي على رجلين يطلب رزقه من القلوب حيث يجد الحاجة إليه، ويغدو إلى مراعاة من النفوس حتى اشتد الجوع عليه، فإذا قصر في ذلك حتى أهلكه الجوع ومات فإنما إثمه على نفسه لا عليهم، ربما يقول قائل: ولم تستبعد هذا الظن منهم "أن الدين حيوان يمشي" فتعبر في جانبه بكلمة "اللهم" وهم قد يزعمون أنهم من أهل السنة وربما طلبوا الدخول في أثواب حماة السنة بهذا الظن الذي تستبعده وما عليهم في ذلك إلا أن يقولوا نحن سنيون لا نقول باستحالة شيء وفخرنا أن نجوز المحال ونذهب إلى جواز تجسيم المعاني ونعتقد أن الأعمال والعقائد وهي معان نفسية وحركات بدنية يمكن أن تنقلب أشخاصاً وحيوانات تمشي، وأناس تتكلم، أليست هذه العقيدة التي هي مطيتنا إلى الجنة؟ فليكن الدين رجلاً عاقلاً، أو ميكروباً متنقلاً مفيداً لا قاتلاً يفعل لنفسه ما كان فاعلاً ويدعنا نتمتع بالنسبة إليه، وإن لم يكن لنا عطف عليه”. إن ألفاظ الشيخ محمد عبده هذه تحمل السخرية من المسلمين الملتزمين بالإسلام فيقال عن فلان إنه إسلام يمشي في الطريق لشدة التزامه بالإسلام.
…وعبّر بصراحة مطلقة أنه لا عطف له على الدين، وقد أفضى إلى ما قدم.

(١) تحدث عن الأغنياء والملوك وعملهم بروح الدين لتقوية سلطانهم على حد تعبيره.


الصفحة التالية
Icon