قوله: "الأحكام الاجتهادية ليست تشريعاً عاماً" قول خطير يتعارض مع قوله تعالى: ﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا ﴾ (١). والتحكيم يكون بالقرآن كله وبالسنة النبوية كلها. والاجتهاد في جلها أمر طبيعي لعموم النصوص.
التفويض إلى اجتهاد الأفراد في العبادات الشخصية يعيد المرء ليعبد الله حسب عقله فيضل ويشقى. وما عباد الأوثان وعبدة الأشخاص إلا من هذا القبيل. وهذا خطر مردود. وشوائب خطرة، لأن الاجتهاد مفتوح لمن يملك أهلية الاجتهاد حسبما حدد علماء الأصول فحسب. وليس الاجتهاد لكل أحد.
التفويض في الأحكام السياسية والقضائية لأهل الحل والعقد ووجوب خضوع الحكام والناس لهم أمر خطير لأن العبادات والأحكام السياسية، والعقائد والأحكام القضائية بل تحديد علاقات الإنسان الثلاث لا تكون إلا لله ومصدر معرفتها الكتاب والسنة ليس غير، والاجتهاد فيها لا يكون إلا لمن ينطبق عليهم وصف المجتهدين حسبما هو مقرر في مصطلح علم الأصول. وإذا لم نفعل ذلك نفصل بين الدين والسياسة فنكن قد خالفنا قوله تعالى: ﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ﴾. والآية تنفي أصل الإيمان أي تكَِفِّر والعياذ بالله.

(١) سورة النساء، الآية: ٦٥.


الصفحة التالية
Icon