إن الآية التي استشهد بها على قيله لا دلالة فيها البتة على ما قال. وهي ضمن آيات المباهلة. ومطلع الآية يطلب من أهل الكتاب أن يشتركوا مع المسلمين في عبادة الله وحده والتخلي عن عقيدة الشرك بالقول بأن عزيراً وعيسى أبناء الله، وأن لا يتخذوا أحبارهم ورهبانهم مراجع يرجعون إليهم في حياتهم فإن رفضوا هذا العرض فقولوا أيها المسلمون إنا مسلمون أي وأنتم لستم كذلك في حال توليكم. وتفسير الشيخ رشيد يعد دعوة مشابهة لمن يتخذ أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله حيث يريد أن يخضع الحكام والمحكومون إلى آراء أهل الحل والعقد. كما هو الشأن في النظام الرأسمالي الديمقراطي الذي يفصل الدين عن الحياة. وهذه شوائب خطيرة.
مما سبق ندرك أن معنى الدين عند الشيخ رشيد هو العبادات العملية القطعية الدلالة والثبوت، والعقائد القطعية كذلك فقط وقد تمت(١) قال الشيخ رشيد: "لأن الاعتقادات والعبادات هي الدين الذي قال الله تعالى فيه: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ﴾ (٢). فتكون الأحكام الاجتماعية والاقتصادية والقضائية والسياسية ليست من الدين وهي كما قال آنفاً مفوض الأمر فيها لأهل الحل والعقد. وهذه هي عقيدة فصل الدين عن الحياة بعينها.

(١) انظر ص ٥٣، كتاب محاورات المصلح والمقلد، رضا، محمد رشيد، ط١، بمطبعة المنار بمصر، ١٣٥٤هـ.
(٢) المصدر السابق نفسه.


الصفحة التالية
Icon