رابعاً: الإيمان:
…قال الشيخ محمد عبده: "وأما أنساب الشعوب وما تدين به من دين، وما تتخذه من ملة فكل ذلك لا أثر له في رضاء الله ولا غضبه، ولا يتعلق به رفعة شأن قوم ولا ضعتهم، بل عماد الفلاح ووسيلة الفوز بخيري الدنيا والآخرة إنما هو صدق الإيمان بالله تعالى بأن يكون التصديق به سطوعاً على النفس من مشرق البرهان، أو جيشاناً في القلب من عين الوجدان فيكون الاعتقاد بوجوده وصفاته خالياً من شوب التشبيه والتمثيل، واليقين في نسبة الأفعال إليه خالصاً من وساوس الوهم والتخييل، ويكون المؤمن قد ارتقى بإيمانه مرتقى يشعر فيه بالجلال الإلهي(١). إلى أن قال: "فيكون عبداً لله وحده، سيداً لكل شيء بعده"(٢). وعقب الشيخ رشيد على تعريف الإيمان عند الأستاذ فقال: "هذا هو الإيمان المرضي عند الله تعالى... وللإيمان إطلاق آخر وهو التصديق بالدين في الجملة أي الإيمان بالله وبأن ما جاء به فلان النبي مثلاً هو صحيح غير مكذوب على الله تعالى، ويدخل فيه أهل الفرق الضالة من كل دين من الأديان السماوية، فهو إطلاق صحيح لغة وعرفاً"(٣). وقال: "وهذا الإطلاق هو الذي عناه الأستاذ الإمام بقوله: لا أثر له في رضاء الله ولا غضبه.. الخ. وهو كون الدين جنسية لمن ينتسب إليه"(٤).
…وقال الشيخ محمد عبده في رسالة التوحيد: "إن الإيمان هو اليقين في الاعتقاد بالله ورسله واليوم الآخر بلا قيد في ذلك إلا احترام ما جاء على ألسنة الرسل"(٥).

(١) تفسير المنار، ١/٣٣٤.
(٢) تفسير المنار، ١/٣٣٥.
(٣) تفسير المنار، رضا، محمد رشيد، ١/٣٣٥.
(٤) المصدر السابق نفسه.
(٥) رسالة التوحيد، عبده، محمد، ص ١٨٩، جمع وتعليق د. محمد عمارة، ط٣، ١٩٨٩م، المركز المصري العربي للإعلام والنشر.


الصفحة التالية
Icon