خامساً: الوحي.
…قال الشيخ رشيد: "وعرفه شيخنا في رسالة التوحيد بأنه: عرفان يجده الشخص من نفسه مع اليقين من قبل الله تعالى بواسطة أو بغير واسطة، والأول بصوت يتمثل لسمعه، أو بغير صوت. (قال) ويفرق بينه وبين الإلهام بأن الإلهام وجدان تستيقنه النفس وتنساق إلى ما يطلب على غير شعور منها من أين أتى. وهو أشبه بوجدان الجوع والعطش والحزن والسرور"(١). ثم بين إمكان هذا ووقوعه وأسباب شك بعض الناس فيه وتفنيد شبهاتهم عليه بما يراجع في الرسالة نفسها. وأما تمثل الملك فكانوا يكتفون في إثباته بقولهم: إنه ممكن في نفسه وقد أخبر به الصادق فوجب تصديقه. ونقول اليوم إن العلوم الكونية لم تبق شيئاً من أخبار عالم الغيب غريباً إلا وقربته إلى العقل، بل وإلى الحس تقريباً، بل ظهر من الاختراعات المادية المشاهدة في هذا العصر، ما كان يعد عند الجماهير محالاً في نظر العقل، لا غريباً فقط"(٢). ثم استعرض الشيخ رشيد بعض الاختراعات ومنها الكهرباء، وقال: "دع مخترعات الكهرباء العجيبة التي لا يوجد شيء مما أخبر به الرسل من عالم الغيب إلا وفيها نظير له يقربه من الحس، لا من العقل وحده، وهل الكهرباء إلا قوة مسخرة للملائكة"(٣).
…وقال الشيخ رشيد: "ودع ما يثبته الألوف من علماء الأمم كلها من تمثل بعض أرواح البشر لبعض الناس في صور كصور الأجساد، وهو يوافق المأثور عندنا عن الإمام مالك من أئمة الفقه في صفة الروح، ووقائعه عند الصوفية، ومن ينكر ما يحكي من وقوع هذا لا ينكر إمكانه في نفسه، ولا الرجاء في ثبوته في يوم ما، بحيث يشاهده جميع الناس"(٤).
مناقشة أقوال أصحاب تفسير المنار:

(١) تفسير المنار، ١/٢٢٠، وانظر رسالة التوحيد، محمد عبده، ص ١١١، جمع وتعليق د. محمد عمارة.
(٢) المصدر السابق نفسه، تفسير المنار.
(٣) تفسير المنار، ١/٣٢١.
(٤) المصدر السابق نفسه.


الصفحة التالية
Icon