بالرجوع إلى رسالة التوحيد للشيخ محمد عبده وجدناه يقول: "وقد عرفوه شرعاً: أنه كلام الله تعالى المنزل على نبي من أنبيائه. أما نحن فنعرفه على شرطنا.." (١). ثم ذكر التعريف، أي أنه يعلم الحق في تعريف الوحي بالمعنى الشرعي وهو إعلام الله تعالى لنبي من أنبيائه بإحدى الطرق التي حددها القرآن الكريم: ﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾ (٢). والرسول من الملائكة كما قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ﴾ (٣).
تعريفه للوحي: "بأنه عرفان يجده الشخص من نفسه مع اليقين من قبل الله تعالى بواسطة أو بغير واسطة. وفسر الواسطة بالصوت" هذا التعريف منشؤه المستشرقون لا النصوص الشرعية. ومحل هذه المسألة هو النصوص لا العقل ولا العلم لأنه غيب.
إن الوحي إعلام من الله تعالى، وليس من نفس الإنسان، أي أن الوحي من خارج النفس وبهذا ينقض ما يزعمه الغرب من أن النبي عبقري، أو رجل ممتاز الاستعداد فالوحي خارج عن ذات الموحى إليه.
إن مزاعم بعض الصوفية، وكثير من الباطنية تري أن ما يخطر ببالهم من خيالات أنها إلهام من الله تعالى وتستيقنه أنفسهم زوراً أنه من عند الله، ويزعمون أنه الإلهام الصادق الذي لا يخطئ. فيستوي الصادق والكاذب في تعريفهم.

(١) رسالة التوحيد، محمد عبده ص ١١١، جمع وتعليق د. محمد عمارة. وقال الشيخ رشيد في الوحي المحمدي: "وقال شيخنا الأستاذ الإمام في رسالة التوحيد بعد تعريف الوحي لغة: "وقد عرفوه شرعاً أنه إعلام الله تعالى لنبي من أنبيائه بحكم شرعي ونحوه، أما نحن فنعرفه على شرطنا..." ص٤٤، ط٩، المكتب الإسلامي، بيروت، ١٣٩٩هـ - ١٩٧٩م.
(٢) سورة الشورى، الآية: ٥١.
(٣) سورة الشورى، الآية: ٥٢.


الصفحة التالية
Icon