أقام الدليل على الوحي من العلوم الكونية. وزعم أنها أتت بالدليل للحواس والعقل على سواء بإمكانية وقوعه وضرب مثالاً على الكهرباء وأنها جاءت بكل شبيه مما جاء به الأنبياء من المعجزات. وعدها مسخرة للملائكة. وهذا طريق خطر لأنه إذا صح أن تكون العلوم الكونية دليلاً على إثبات المغيبات فإنه ينبغي أن تصح كذلك دليلاً على النفي. فيصبح العلم والعقل ميزاناً يوزن به الشرع. مع أن الشرع محصور في الكتاب والسنة فحسب.
استشهد بتحضير الأرواح وما يزعمه علماء من الأمم عبر القرون، وتجاهل أن الأرواح التي تستحضر قد تكون لكفار أو ملاحدة وثنيين، وهذا تأصيل لهذا العلم المنهي عنه لأنه من أحابيل الشياطين. وهل فصل الأرواح عن الأجساد في مقدور البشر؟! وماذا يحصل للجسد إذا استحضرت روحه؟! وإذا كان الجسد ميتاً فمن أين ستحضر روحه؟! ومن يتتبع تحضير الأرواح في تفسير الجواهر يجد أنه قد يفضي إلى الكفر الصراح ولا علاقة له بالقرآن ولا بتفسير القرآن. وطريق الإيمان بالإسلام هو العقل والشرع لا تحضير الأرواح ولا العلوم الكونية ولا العلوم التجريبية. ولذلك تعريفهم للوحي يعد شوائب في التفسير ينبغي أن يتخلص منها.
سادساً: مهمة النبوة والرسالة:
…قال الشيخ رشيد: "إن موضوع الرسالة: تعليم وإرشاد إلهي يملك الوجدان، وتذعن له النفس بالإيمان، فيكون هداية تزع صاحبها عن الباطل والشر، وتوجهه إلى الحق والخير، وإن القرآن قد بلغ مرتبة الكمال فيها، فاهتدت به الأمم والشعوب، فمن كان يؤمن بها على علم بحقيقتها، لا تقليداً لآبائه وقومه فيها لا يسعه أن يؤمن بالتوراة أو بالإنجيل أو الفيدا، أو غيرهم من الكتب المنسوبة إلى المرسلين الأولين، ولا يؤمن بالقرآن، وهو أكملها في موضوعها وأصحها نسباً إلى ما جاء به"(١).

(١) تفسير المنار، ١/٢٢٢.


الصفحة التالية
Icon