…كما أعرضت عن إضافة فصل لتقسيم كتب التفسير في القرن من حيث الإيغال في الشوائب والخلو منها وما بينهما. فاتساع الموضوع اقتضى أن أرجئه لما بعد المناقشة وأفرده في بحث مستقل. وأسأل الله أن يرزقني الهمة العالية لإنجازه في أقرب فرصة.
…وللسبب نفسه أغفلت بحث طرق التفسير المستحدثة في هذا القرن والتي دخلت منها الشوائب.
…كل ذلك بتوجيه الأستاذ الدكتور المشرف أنس جميل طبارة حتى يبقى البحث متخصصاً في الشوائب نفسها، أي في سلبيات التفاسير فقط، فجمعتها في سلة واحدة ليتخلص التفسير منها الذي عانقته ردحاً من الزمن لينظر إليه المسلمون بلونه الأسود الحقيقي، ولينبذوه وراء ظهورهم. فالبحث مختص بالتحريف والتزييف المتعمد والعفوي وهو ما يعد بحق دخيلاً على الإسلام وعلى معاني القرآن الكريم فهي شوائب محققة. وهذا يذكرنا بحذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - ذلك الصحابي الجليل الذي كان يتعمد في أسئلته لرسول الله - ﷺ - عن الشر الذي سيقع لعله يدركه فلا يقع فيه(١).
…وما اخترع العلماءُ المسلمون علم الجرح والتعديل إلا للحرص على سلامة الإسلام فيميزونه عن غيره، ويحفظون بذلك مصادر تشريعهم نقية صافية من أي شائبة. فيبقى الإسلام كالذهب الخالص الخالي من الزغل.

(١) كان الناس يسألون رسول الله - ﷺ - عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني) صحيح البخاري، كتاب الفتن، باب كيف الأمر إذا لم تكن الجماعة، ٩/٦٥. طبعة دار الشعب، القاهرة، وحذيفة من الصحابة الكرام وأبوه كذلك، حليف الأنصار، استشهد والده بأحد، ومات حذيفة في أول خلافة علي سنة ست وثلاثين للهجرة، روى له الستة، انظر تقريب التهذيب لابن حجر، ترجمة ١١٥٦، ص ١٥٤، دراسة محمد عوّامة، دار الرشيد، سوريا – حلب.


الصفحة التالية
Icon