…ثم قال: "ولا نزال إلى الآن من هم هذه الحياة الدنيا في اضطراب، لا ندري متى نخلص منه، وفي شوق إلى طمأنينة لا نعلم متى ننتهي إليها. هذا شأننا في فهم عالم الشهادة، فماذا نؤمل من عقولنا وأفكارنا في العلم بما في عالم الغيب؟ هل فيما بين أيدينا من الشاهد معالم نهتدي بها إلى الغائب؟ وهل في طرق الفكر ما يوصل كل أحد إلى معرفة ما قدر له في حياة يشعر بها وبأن لا مندوحة عن القدوم عليها.." (١).
…ويجيب عن هذه التساؤلات: "كلا فإن الصلة بين العالمين تكاد تكون منقطعة في نظر العقل ومرامي المشاعر، ولا اشتراك بينهما إلا فيك أنت. فالنظر في المعلومات الحاضرة لا يوصل إلى اليقين بحقائق تلك العوالم المستقبلة"(٢). ويستمر على هذا المنوال ليثبت حاجة الناس إلى الرسل من المسلك الأول ثم الثاني.
…وقفة مع هذه الأفكار:
إن الإجماع الذي زعمه من الوثنيين والفلاسفة والمليين لا قيمة له لأن البحث في مسألة لا تقع تحت حسهم جميعاً، وهي الحياة بعد الموت. ولذلك لا يسمى بحثه هذا فكراً ولا عقلاً ولا إدراكاً بل هو مجرد تخيلات وفرضيات. وكذلك البحث في الروح بعد الموت لا سبيل إليها غير الغيب من الأدلة السمعية.
إن عقيدة الوثنيين بتناسخ الأرواح التي جاء بها الهنود، وأخذها عنهم الفلاسفة ومنهم فيثاغورس، عقائد باطلة لا يجوز لمسلم أن يستشهد بها، أو يجعل لها وجهاً من الصحة لأنها تناقض عقيدة المسلمين التي جاء بها سيدنا محمد - ﷺ -.
جعل الشعور العام بهذه العقائد دليلاً على صحتها. وزعم أنه لا يمكن أن تعد ضلالة عقلية أو نزعة وهمية وإنما هي إلهامات مختص بها هذا النوع الإنساني كما ألهم عقله وفكره.

(١) المصدر السابق نفسه، ص ٩٨.
(٢) المصدر السابق نفسه.


الصفحة التالية
Icon