…قسم الشيخ رشيد المعجزات بحسب مظهرها إلى قسمين، الأول: معجزات تكوينية لا يعرف لها سنة إلهية يجري عليها فهو يشبه الأحكام الاستثنائية في قوانين الحكومات أو ما يكون بإرادة سنية من الملوك لمصلحة خاصة – ولله المثل الأعلى(١) – وذكر منها الآيات التسع لموسى عليه السلام، والآيات التي ظهرت في أثناء خروجه ببني إسرائيل والتيه(٢). والقسم الثاني: يقع بسنة إلهية روحانية لا مادية(٣). وأدخل فيها معجزات عيسى عليه السلام، وتحضير الأرواح، وإشفاء الصرع من مس الشيطان وقراءة الأفكار ومراسلتها. فلم يحصرها في الأنبياء بل أشرك معهم الروحانيين الكفار من الهنود وغيرهم، وكذلك متصوفة المسلمين، ومما قاله: "وأما المسيح عليه السلام فالآيات التي أيده الله تعالى بها – على كونها خارقة للعادات الكسبية وعلى خلاف السنن المعروفة للناس – قد يظهر فيها أنها كلها أو جلها حدثت على سنة الله في عالم الأرواح كما كان خلقه كذلك، فقد حملت أمه به بنفخة من روح الله عز وجل فيها، وهو الملك جبريل عليه السلام، كانت سبب علوقها به يفعلها في الرحم ما يفعل من تلقيح الرجل بقدرة الله عز وجل، فلا غرو إن كانت مظاهر آياته أعظم من مظاهر سائر الروحيين من الأنبياء والأولياء كالكشف وشفاء بعض المرضى وغير ذلك من التأثير في المادة الذي اشتهر عن كثير منهم. والفرق بينه وبين الروحانيين من صوفية الهنود والمسلمين أن روحانيته عليه السلام أقوى وأكمل. وأنها لم تكن بعمل كسبي منه بل من أصل خلق الله عز وجل له بآية منه(٤). ثم قال: "ودون هذا إحياء الميت الصحيح الجسم القريب العهد بالحياة فإن توجيه سيال روحه القوي إلى جثة الميت مع توجيه قلبه إلى الله عز وجل ودعائه كان يكون سبباً روحانياً لإعادة روحه إليه بإذن الله ومشيئته، كما يمس النور ذبال السراج
(٢) ١١/٢٣٣، تفسير المنار.
(٣) المصدر السابق.
(٤) ص ٢٣٤، المصدر السابق.