أفعالهم"(١).
…وهكذا ميّع الشيخ رشيد المعجزة بتقسيمها إلى ما يقع دون سنة إلهية وإلى ما يقع بسنة إلهية روحية لا مادية، والتي لم يحصرها في الأنبياء بل أشرك معهم غيرهم. وكلامه مردود لا يستحق المناقشة لأنه مبني على سفسطة في الكلام، وليس له دليل شرعي. فمعجزات عيسى عليه السلام ومعجزات موسى ومعجزة سيدنا يوسف ما يأكل القوم وما يدخرونه كلها خرجت من مشكاة واحدة ودليلها القرآن القطعي الثبوت القطعي الدلالة. وما زعم من قراءة الأفكار والمكاشفات وأعمال الروحانيين والصوفيين والأطباء لا يمت إلى المعجزة –التي ثبتت بالنبوة- بصلة. والمعجزة للأنبياء السابقين وكتبهم دليلها نقلي وليس عقلياً.
معجزة البقرة في تفسير المنار:
…قالا: "على أن هذا الحكم منصوص في التوراة وهو أنه إذا قتل قتيل لم يعرف قاتله فالواجب أن تذبح بقرة غير ذلول في واد دائم السيلان ويغسل جميع شيوخ المدينة القريبة من المقتول أيديهم على العجلة التي كسر عنقها في الوادي، ثم يقولون إن أيدينا لم تسفك هذا الدم، اغفر لشعبك إسرائيل ويتمون دعوات يبرأ بها من يدخل في هذا العمل من دم القتيل، ومن لم يفعل يتبين أنه القاتل، ويراد بذلك حقن الدماء فيحتمل أن يكون هذا الحكم هو من بقايا تلك القصة أو كانت هي السبب فيه"(٢).
…وقال الشيخ رشيد: "إن ما أشار إليه الأستاذ من حكم التوراة المتعلق بقتل البقرة هو في أول الفصل الحادي والعشرين من سفر تثنية الاشتراع ونصه... وذكر ثمانية نصوص ا. هـ"(٣).
…وقال: "والظاهر مما قدمنا أن ذلك العمل كان وسيلة عندهم للفصل في الدماء عند التنازع في القاتل إذا وجد القتيل قرب بلد ولم يعرف قاتله ليعرف الجاني من غيره، فمن غسل يده وفعل ما رسم لذلك في الشريعة برئ من الدم، ومن لم يفعل ثبتت عليه الجناية"(٤).
(٢) ١/٣٤٧، تفسير المنار.
(٣) ١/٣٤٧-٣٤٨، تفسير المنار.
(٤) ١/٣٥١، تفسير المنار.