…لقد جرت بعض المعجزات لسيدنا موسى عليه السلام بواسطة عصاه حيث أودع الله جلّت قدرته فيها خصائص تخرق سنناً أخرى في الحياة مع أنها كانت عصا عادية استعملها سيدنا موسى قبل النبوة فكان يتوكأ عليها، ويهش بها على غنمه، ولم تكن عصا سحرية، ولم تكن من الجنّة، ولم تخلق ابتداءً خلقاً خاصاً، ولم تكن جنّاً مسخراً لسيدنا موسى بصورة عصا، ولا شيئاً من هذا كله. بل كانت عصا عادية لا عجبة ولا غرابة فيها، فحوّلتها قدرة الله تعالى لصنع المعجزات، فضرب موسى عليه السلام بها الحجر وليس الصخرة أو الجبل، بل الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً بعدد الأسباط، وعلم كل سبط مشربه ولا خصوصية للحجر المضروب لعدم ورود دليل على هذه الخصوصية، بل الخصوصية تكمن في ضرب موسى الحجر بعصاه، أي حجر. وألقى موسى عليه السلام عصاه في جمع عظيم من الناس من بني إسرائيل يوم الزينة في مقام التحدي لفرعون وسحرته وقدرتهم فتلقفت ما يأفك السحرة من حبال وعصي، وخيّل للخلق العظيم المشاهد لواقعة التحدّي أن إفك السحرة يسعى. فأزال مقدرتهم، وأبطل سحرهم بمجرد إلقاء سيدنا موسى عصاه على الأرض فظهرت قدرة الله تعالى، وتجلت للخلق. وأيقن السحرة أن هذه قدرة لا تكون من مخلوق، فسارعوا للإيمان برب موسى، وبدعوة موسى دون أن يجعلوا لفرعون أدنى اعتبار في هذا المقام. ووردت الشوائب في هذا القرن بأساليب شتّى تهوّن من أمر هذه المعجزة المادية التي ذكرت بأدلة قطعية الثبوت قطعية الدلالة.