…وأسس الشيخ رشيد لفرية أن العصا لم تصنع معجزة وهي رمز للإشارة. والكناية عن الحجة، فجعل "ما" مصدرية في قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ﴾ (١). وليست اسماً موصولاً فقال: "وينافيه كونها مصدرية إذْ المعنى عليه أنها تناولت عملهم هذا فأتت عليه بما أظهرت بطلانه"(٢). وقال: "فالذي بطل كان عملاً عملوه وكيداً كادوه، وليس شيئاً مادياً أوجدوه"(٣). واستشهد بقول ابن عربي فقال: "قال الشيخ محيي الدين بن عربي ما معناه أو محصله على ما نتذكر أن إبطالها لسحر السحرة أنه ترتب على إلقائها أن رأى الناس تلك الحبال والعصي على أصلها ولو ابتلعتها لبقي الأمر ملتبساً على الناس إذ قصاراه أن كلا من السحرة وموسى قد أظهر أمراً غريباً ولكن أحد الغريبين كان أقوى من الآخر فأخفاه على وجه غير معلوم ولا مفهوم. وهذا لا ينافي كونهما من جنس واحد"(٤). ولكن زوال غشاوة السحر وتخييله حتى رأى الناس أن الحبال والعصي التي ألقاها السحرة ليست إلا حبالاً وعصياً لا تسعى ولا تتحرك"(٥). وقال: "وكل ما في الأمر أن عصا موسى أزالت هذا التخييل بسرعة وهو معنى اللقف"(٦). أي أن الشيخ رشيد ينفي الناحية المادية عن فعل السحرة فتنتفي المعجزة المادية التي أبطلت الفعل المادي، فيصبح المراد والمعنى: الحجج والبراهين العقلية. وهذا هو التأسيس لإلغاء أو إنكار المعجزات المادية لنبي الله موسى عليه السلام، وسواء أكان النفي للمعجزات المادية بالكلية أم بالتأويل فهو تحريف لمعنى كلام رب العالمين، وهو من الشوائب التي ينبغي إخراجها من التفسير.
(٢) ٩/٦٨، تفسير المنار.
(٣) المصدر السابق، ٩/٦٩، تفسير المنار.
(٤) تفسير المنار، ٩/٦٨.
(٥) ٩/٦٨، ٦٩، تفسير المنار.
(٦) المصدر السابق نفسه.