…هذا ولم يسلم مفهوم العدد في الآية من الشوائب، فالآية حددت اثني عشر سبطاً ولكن الشيخ رشيد جعل عددهم مليونين حسبما ورد في سفر العدد من التوراة. ورغم أنه ساق تشكيك ابن خلدون بهذه الروايات في مقدمته إلا أنه قال: "ولكن لا يمكن الشك في أنهم كانوا ألوفاً كثيرة أو عشرات الألوف"(١).
…والنص القرآني يقول حجر ولكن الشيخ رشيد يقول: "فلا بدّ أن تكون مساحة ذلك الصخر واسعة جداً، وأن يكون السهل أمامه أفيح ليسع الألوف من الأسباط يردون ويصدرون"(٢).
…فالشيخ رشيد ينافح عما ورد في التوراة من أعداد، وليته يقف الموقف نفسه مع القرآن والسنة. وهو في الوقت نفسه يعيب على المفسرين أخذهم من الإسرائيليات وكأن ما يأتي به ليس إسرائيلي المصدر مع تصريحه بأنه من التوراة ومن سفر العدد.
معجزة العصا في تفسير أبي زيد الدمنهوري:
…قال في تفسير قوله تعالى: ﴿ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ﴾ (٣). أن الضرب معناه: اطرقه واذهب إليه. أي الضرب في الأرض بمعنى ابتغاء الرزق والبحث عنه.
…وأوّل ما نتج عن فعل موسى بضربه البحر بالعصا أنه بيان لحالة البحر وتصويره بأنه مناطق طرق ناشفة ويابسة. وزاد على ذلك بأن آيات الله في نصر أنبيائه لا تناقض سنته في خلقه وكونه(٤). وفي هذا تأكيد على نفي المعجزة. فالمعجزة المادية تعني قوة الحجة وظهور البرهان. والمعجزة المادية عنده من قبيل الرمز والإشارة، بمعنى أعدّه وهيأه للانتصار بقوة الحجة غير المادية(٥).

(١) ٩/٣٦٧، تفسير المنار.
(٢) المصدر السابق.
(٣) سورة الشعراء، الآية: ٦٣.
(٤) ص ٢٩٠، الهداية والعرفان في تفسير القرآن بالقرآن، أبو زيد الدمنهوري، وانظر ص ١٢٦، في تفسير الآية ١٦٠ من سورة الأعراف، وانظر ص ٢٩٦.
(٥) ص ٢٦٩، الهداية والعرفان في تفسير القرآن بالقرآن، أبو زيد الدمنهوري، وانظر ص ١٢٦، المصدر نفسه.


الصفحة التالية
Icon