…وقال عند قوله تعالى: ﴿ فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا ﴾ (١): اطرقه والمقصود من الآية أن الله هداه إلى الطريق اليبس في ظلال ذلك الماء الكثير(٢). وهذا كله من شوائب التفسير لأنه يفتقر إلى السند الشرعي واللغوي.
مسخ بني إسرائيل قردة في تفسير المنار:
…يرى الشيخ رشيد أن المسخ معنوي (صوري) لا حقيقي لبني إسرائيل الذين عصوا الله في مخالفة أمره بنهيهم عن الصيد في يوم السبت. ويرى أن الأمر (كونوا) للتكوين وليس للإيجاد بأن يكونوا حقيقة قروداً، (أي فكانوا بحسب سنة الله في طبع الإنسان وأخلاقه كالقردة المستذلة المطرودة من حضرة الناس). وكل ما في الأمر أن كلام الناس صاروا يحتقرونهم ولا يرونهم أهلاً لمجالستهم ومعاملتهم. واستشهد برواية مجاهد رواها ابن جرير وابن أبي حاتم أنه قال: "ما مسخت صورهم ولكن مسخت قلوبهم فمثلوا بالقردة كما مثلوا بالحمار"(٣). ولكن الشيخ رشيد لم ينقل لنا ما ذكره الطبري أنه ردّ رواية مجاهد هذه فقال: "وهذا القول الذي قاله مجاهد، لظاهر ما دلّ عليه كتاب الله مخالف. وذلك أن الله أخبر في كتابه أنه جعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت" وقال الطبري لمن ينكر مسخ عصاة بني إسرائيل قردة: "ومن أنكر شيئاً من ذلك وأقر بآخر منه، سئل البرهان على قوله وعورض فيما أنكر من ذلك" بما أقر به، ثم يُسأل الفرق من خبر مستفيض أو أثر صحيح. هذا مع خلاف قول مجاهد قول جميع الحجة التي لا يجوز عليها الخطأ والكذب فيما نَقلته مجمعة عليه. وكفى دليلاً على فساد قولٍ إجماعها على تخطئته"(٤).
(٢) ص ٢٤٨، المصدر نفسه.
(٣) انظر ١/٣٤٣، ٣٤٤، تفسير المنار، ورواية مجاهد هي الأثر ١١٤٣، ١١٤٤، ٢/١٧٢، تفسير الطبري تحقيق محمود وأحمد شاكر، طبعة دار المعارف بمصر، ط٢، وانظر، ١/٣٣٢، طبعة دار الفكر، ١٤٠٥هـ-١٩٨٤م.
(٤) ٢/١٧٣، تفسير الطبري، طبعة دار المعارف، تحقيق محمود وأحمد شاكر.