…واستشهد الشيخ رشيد على صحة أقواله فقال: "ونحن نرى علماء الغرب وفلاسفته متفقين على إمكان التولد الذاتي، أي تولد الحيوان من غير الحيوان، أو من الجماد، وهم يبحثون ويحاولون أن يصلوا إلى ذلك بتجاربهم. وإذا كان تولد الحيوان من الجماد جائزاً فتولد الحيوان من حيوان واحد أولى بالجواز، وأقرب إلى الحصول"(١).
…وقال عند قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء ﴾ (٢): "وقال الأستاذ الإمام: ليس المراد بالنفس الواحدة آدم بالنص ولا بالظاهر. فمن المفسرين من يقول إن كل نداء مثل هذا يراد به أهل مكة، أو قريش، فإذا صح هذا جاز أن يفهم منه بنو قريش أن النفس الواحدة هي قريش أو عدنان، وإذا كان الخطاب للعرب عامة جاز أن يفهموا منه أن المراد بالنفس الواحدة يعرب أو قحطان. وإذا قلنا أن الخطاب لجميع أهل الدعوة إلى الإسلام، أي لجميع الأمم فلا شك أن كل أمة تفهم منه ما تعتقده"(٣).
…وقال: "والقرينة على أنه ليس المراد هنا بالنفس الواحدة (آدم) قوله: ﴿ وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء ﴾ بالتنكير، وكان المناسب على هذا الوجه أن يقول: وبث منهما جميع الرجال والنساء، وكيف ينص على نفس معهودة والخطاب لجميع الشعوب! وهذا العهد ليس معروفاً عند جميعهم، فمن الناس مَنْ لا يعرفون آدم ولا حواء، ولم يسمعوا بهما"(٤).

(١) تفسير المنار، ٣/٣٠٨-٣٠٩.
(٢) سورة النساء، الآية: ١.
(٣) تفسير المنار، ٤/٣٢٣، ٣٢٤. ثم ذكر الأصناف الكبرى لكل صنف من البشر وهي الأبيض القوقاسي والأصفر المنغولي، والأسود الزنجي، وغيره وبعض فروع هذا تكاد تكون أصولاً كالأحمر الحبشي والهندي الأمريكي والملقي" أي أن آدم هذه الأصناف متعدد بتعددها.
(٤) المصدر السابق، ٤/٣٢٤.


الصفحة التالية
Icon