…وقال: "وزدنا أنفسنا قرباً من إخواننا في الإنسانية الذين يدعوهم هذا المذهب للهرب منا، والابتعاد عنا"(١). وقد أحس الكاتب من نفسه الاعتراض على معتقده هذا فقال: "هنا يقول قائل أليس هذا من موقف المنافقين؟ كيف نقف موقف شكك فيما تصرح كتبنا السماوية بنقيضه، أو كيف نشك في أمر خلق الإنسان، وقد صرحت الكتب السماوية بأنه خلق من طين، وأن الله سوّاه بيده، ثم نفخ فيه من روحه؟ فإن كانت الكتب السماوية وحياً من الله وجب علينا أن نعتقد بما صرحت به بلا محاباة، وأن نرفض كل ما عداه معلنين بأنه لا شائبة للحق فيه.
…نقول: نعم، صرح الله في الكتاب العزيز في مواضع كثيرة بأنه خلق الإنسان من طين، وأنه سوّاه بيديه، ونفخ فيه من روحه"(٢). ثم برر ذلك بأن القرآن الكريم استعرض أدوار الخلق باعتبارها وجهاً من وجوه الاعتبار، وصورة من صور اللفت إلى الإبداع التكويني، ودعا إلى فقه النصوص من حيث الباطن، واستكناه روحها حتى لا نكفر في اعتقادنا حسبما ذكرت نصوص القرآن. وضرب مثالاً على آيات الصفات، فمن يعتقد أن لله يداً أو وجهاً فإنه يكفر رغم تصريح النصوص بذلك. وعقب على ذلك بقوله: "هذا وأمثاله يسمح لنا أن لا نقف بالآيات الواردة في خلق آدم عليه السلام مع ظاهر اللفظ إن اضطررنا إلى ذلك. على أننا لو أجدنا النظر ما وجدنا في الكتاب آية تدل دلالة صريحة على الخلق المستقل"(٣).
(٢) ١/٧٣١-٧٣٢، دائرة معارف القرن العشرين، محمد فريد وجدي.
(٣) ١/٧٣١-٧٣٢، دائرة معارف القرن العشرين، محمد فريد وجدي.