…ويقال الشيء نفسه عن تفسير قوله تعالى: ﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ﴾. أي في بطون أمهاتكم كما ورد في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ (١). أما آدم عليه السلام فلا ينطبق عليه هذا الخلق ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ (٢).
…وقال عند قوله تعالى: ﴿ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ﴾ (٣). حيث مسخ الله يهود قروداً عندما عصوا واعتدوا في السبت: "ولنا أن نذكر هنا تحوّل هؤلاء الممسوخين من الإنسان إلى القرد يمكن أن يستأنس به في حديثنا الذي عرضناه من قبل في خلق الإنسان، وفي تطوره في الخلق، وأن الإنسان كما انتقل صاعداً من قرد إلى إنسان، كذلك رُدَّ نازلاً من إنسان إلى قرد"(٤). وقال: "ولعل في قوله تعالى ﴿ خاسئين ﴾ ما يقوي هذا الرأي الذي ذهبنا إليه.. ومعنى خاسئين: مبعدين، مطرودين من عالم الإنسان، مردودين إلى عالم الحيوان، وإلى فصيلة القردة منه، التي هي أعلى مراتب الحيوان، وأول مراتب الإنسان الحيوان"(٥).

(١) سورة المؤمنون، الآيات ١٢-١٤.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ٥٩.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٦٥.
(٤) التفسير القرآني للقرآن، م١، ١/٩٤.
(٥) المصدر السابق نفسه، ص ٩٥.


الصفحة التالية
Icon