…إن قول الخطيب هذا ينبئ عن نفي المعجزة في المسخ الإلهي ليهود على عصيانهم، وكأن القضية تحولات طبيعية من قرد إلى إنسان وبالعكس. فيكون المسخ الذي تحدث عنه من خياله، ومن وحي شيطانه، ولا يمكن فهمه من لغة العرب التي وردت في القرآن الكريم، ومعنى الخسأ قد فصّله كذلك من خياله لا من دلالة اللفظ على معهود العرب فيرد قوله ويوضع في سلة الشوائب.
…وقال في الخلق المباشر ﴿ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ : ما يُسْأل عنه.. وهو كيف يقول للشيء كن، ثم لا يكون واقعاً في الحال، كما يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿ فَيَكُونُ ﴾ التي تدل على المستقبل المتراخي، ولو كان ما أمر الله به واقعاً في الحال، لكانت صياغة الآية على غير هذا، ولكانت تلك الصياغة مثلاً: (ثم قال له كن فكان) فكيف يكون هذا؟ وهل أمام قدرة القادر العظيم حواجز وحوائل تحول بين القدرة وبين إمضاء ما قدرت على الفور وفي الحال؟"(١). وأجاب عن هذا التساؤل بقوله: "والجواب على هذا هو أن قول الله للشيء (كن) لا يقتضي وقوع هذا الشيء في الحال، إذ قد يكون الأمر موقوتا بوقت، أو متعلقاً بأسباب لابد أن يقترن حدوثها بها، وهذه الأسباب لا متعلق لها بقدرة الله، وإنما متعلقها بالشيء ذاته الذي دعته القدرة إلى الظهور، والذي قضت حكمة الله ألا يستكمل أسبابه المقترنة به. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ (٢). وقيله هذا مبني على نظرية أن الخلق والتكوين مبني إلى الأسباب والمسببات الذي يفضي إلى القول بأن الطبيعة هي الخالق، وليس القدرة الإلهية التي تؤدي إلى الإيمان بوجوب وجود خالق أزلي مدبر. فإزالة الإعجاز في قصة الخلق من وحي الدكتور الخطيب لا من دلالة اللغة على الإطلاق.
(٢) سورة يس، الآية: ٨٢.