…وكذلك تفسيره لقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ﴾ (١). فهو من محض الخيال جاء به ليضفي عليه الشرعية. وهو بذلك يجمع المتناقضات في عقيدة واحدة. فالعقيدة الإسلامية تواتر عنها أن الخلق للإنسان والكون والحياة كان خلقاً مستقلاً مباشراً من الله تبارك وتعالى كما تدل عليه نصوص القرآن الكريم. ونظرية دارون ترى أن الخلق عبر ملايين السنين وليس من الله تعالى، وبالتطور والتولد الذاتي، أي أن الطبيعة (الكون والإنسان والحياة) هي الخالق. وعليه فما ورد في تفسير د. الخطيب في قصة الخلق هو محض شوائب لا نصيب للتفسير فيها. وإذا أضفنا إلى هذا ما زعمه أن تفكير الإنسان وما ورد في الفلسفة الهندية القديمة كما سجلت أسفار (بوبانشاء) كتاب الهند المقدس والقصص التي تحويها كتب التفسير من أن حواء خلقت من ضلع من أضلاع آدم، أنها كلها متقاربة(٢). إذا أضفنا قيله هذا نر أنه يدفع القارئ إلى التخلي عن الإيمان بهذه العقيدة (أن حواء خلقت من ضلع زوجها آدم). ما دامت هذه العقيدة من الفلسفة الهندية ومن الإسرائيليات، متجاهلاً بذلك قوله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء ﴾ (٣). وضارباً عرض الحائط بقول الرسول - ﷺ - المبيّن لهذه الآية: (فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه) (٤). فالآية الكريمة ذكرت وصفه تعالى لنفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد، وعرّف عباده كيف كان مبتدأ الخلق وكيف أنشأه

(١) سورة نوح، الآية: ١٧.
(٢) انظر د. الخطيب، عبد الكريم محمود، القصص القرآني في منطوقه ومفهومه، ص ٣٧٢-٣٧٣.
(٣) سورة النساء، الآية: ١.
(٤) حديث صحيح رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، كتاب الأنبياء، ٦٠، باب خلق آدم وذريته.


الصفحة التالية
Icon