خلق حواء في تفسير د. الخطيب:
…قال د. الخطيب: "والقصة التي تقول إن (حواء) من ضلع آدم هي من واردات الأساطير، وقد أخذ بها معظم المفسرين، وفهموا هذه الآية الكريمة عليها(١). وقال: "والآية لا تعين على هذا الفهم، ولا تسانده، وإنا إذ ننظر في قوله تعالى: ﴿ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ﴾ (٢) لنجد الضمير في (منها) الذي يشير إلى النفس الواحدة، لا يقصدها باعتبارها كائناً بشرياً هو (آدم) وإنما يشير إليها باعتبارها مادة مهيأة لخلق البشر، ومن هذه المادة كان خلق آدم، ومن هذه المادة أيضاً كان خلق زوجه التي يكتمل بها وجوده، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: ﴿ وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا ﴾ (٣). وليس هذا في خلق الإنسان وحده، بل هو التدبير الذي قدّره الله لخلق الكائنات الحية كلها من حيوان ونبات، ومن يدري فربما كان ذلك في عالم الجماد أيضاً"(٤). ثم قال: "فهل كان خلق هذه الموجودات على تلك الصورة التي خلق عليها آدم وحواء كما تحدثت الأساطير عنها؟ الذكر أولاً، ثم كان من ضلع الذكر خلق الأنثى؟ ذلك ما لا مفهوم له في علم ولا معقول له في عقل! (٥). ولو أردنا أن نأخذ بهذه الأسطورة، ونقول في خلق آدم وحواء بما تقول به الأساطير لكان علينا أن نرتفع لخلق آدم إلى بذرة الحياة الأولى للأحياء.. في (الأميبيا) حيث يقوم التوالد والتكاثر فيها على الانقسام في الجرثومة الواحدة! فهل إلى هذه الجرثومة الأميبية تمتد أنظار المفسرين الذين قالوا: إن حواء وآدم خلقا من جرثومة واحدة كانت آدم أولاً، ثم انقسمت على نفسها فكانت آدم وحواء ثانياً؟ إن يكن ذلك فلا بأس به عندنا وهو الذي نقول به، وهو أن آدم وليد دورة طويلة في سلسلة التطور، وأن أول سلسلة للحياة التي تطور
(٢) سورة النساء، الآية: ١.
(٣) سورة النبأ، الآية: ٨.
(٤) التفسير القرآني للقرآن، م٢، ٤/٦٨٣.
(٥) المصدر السابق نفسه.