. ومع هذا كله عدل د. الخطيب عن منطوق الوحي ومفهومه وهرول إلى نظرية لا عماد لها، شك فيها منظروها ومؤيدوها على سواء، وأعلى شأنها على ما ورد في كتاب الله تعالى وعلى ما في الصحيحين، جاعلاً عقله الحر والنظريات العلمية القائمة على الاحتمالات والشك فاروقاً بدل الشرع. ذلك ما لا مفهوم له في علم ولا معقول له في عقل. ولو أنصف لاعترف أنه لا دليل من العلم على ظنون أصحاب النظرية، لا من الوراثة (الجينات)، ولا من الآثار، ولا من الواقع، حتى ولا من العقل ذلك لأن العقل حتى يكون كذلك لابد من وجود الواقع تحت حس الإنسان. وقصة الخلق من المغيبات، وصدق الله العظيم ﴿ مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ﴾ (١). وخلاصة القول: إن أقوال الخطيب تدل على أن الرجل في رأسه خاطرة، وأراد أن يسخر القرآن لها، ويضفي عليها صفة القداسة الشرعية، وبهذا دخلت الشوائب في التفسير. والحق أن لا علاقة لقيله بالتفسير.
٤- علي نصوح الطاهر(٢) في تفسير قصة الخلق:

(١) سورة الكهف، الآية: ٥١.
(٢) من مواليد نابلس، وتوفي في القاهرة أعزب مع خليلته الإيرانية، كان وزيراً للزراعة في الأردن في الخمسينات، وصار سفيراً في إيران، وله تفسير مخطوط كان قد أوصى أن لا يفتح إلا بعد موته، وهو موجود في مجمع اللغة العربية الأردني بعمان، وقد اطلعت عليه بتكليف من أستاذ التفسير في الجامعة الأردنية وبإذن خطي من الجامعة الأردنية لرئيس مجمع اللغة العربي الأردني، وقد قرأته كاملاً وكتبت عنه تقريراً في ١٩٨٨م.


الصفحة التالية
Icon