…قال عند تفسير قوله تعالى: ﴿ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴾ (١): "وفي هذا القول تقرير بأن الإنسان نشأ نشأة جرثومية على هذه الأرض من منشأ صغير حقير في نظر الجهلاء من الناس وهم أغلبيتهم"(٢). وقال: "وترك ذلك -تفاصيل خلق السماوات والأرض والإنسان والكائنات الحية- لرجال الفكر والبحث. وترك للمسلم أن يبحث ويتابع نظريات العلماء المسلمين وغيرهم بهذا الصدد فيأخذ بما يتفق عليه منها دون أن يكون للعقيدة أثر في ذلك فلا تدخل العقيدة في العلم ما دام العلم يكتشف كل يوم ما يصل إليه العلم في زمانه"(٣).
…وقال في تفسير فاتحة سورة النساء: "وهو الذي خلقهم من نفس واحدة أي من مرجع سلالي واحد". وبذلك رد الجنس البشري إلى مصدر واحد. وقد يفهم منها أن هذه النفس حينما خلقها كانت تتكاثر بانقسامها لا بتزاوجها وهو ما يعبر عنه علمياً بهرمافروديت. ولا تزال هذه الظاهرة مشاهدة في الأحياء ثم انقسمت على نفسها في طفرة Mutation الله أعلم متى حدثت. وبعد هذا الانقسام أصبحت تتزاوج أي خرج منها الذكر، وخرج منها الأنثى، وأصبح التكاثر بالتزاوج وليس بالانقسام. وبعد هذه الطفرة بث الله منهما أي جعل الجنس البشري ينتشر بسرعة فخرج منهما أي من تزاوج الذكر والأنثى رجالاً كثيراً، أي ذكوراً كثيرة ونساء أي أنثيات كثيرات(٤).

(١) سورة العلق، الآية: ٢.
(٢) تفسير القرآن الكريم كما أفهمه، الطاهر، علي نصوح، ١٥/١٢١، مخطوط ستانسل، مكتبة مجمع اللغة العربية الأردني.
(٣) المصدر السابق، ١٥/١٣٣.
(٤) المصدر السابق، ١/٣٠٢، وانظر ص ٣٠٣.


الصفحة التالية
Icon