…وهكذا بنى د. مصطفى محمود على هذه الظنون أن جعل أجداد البشرية حميراً، ثم قال: "وابتكر دارون لنفسه فقال: إن الترقي حدث بحوافز داخلية، وبدون يد هادية من خارج، مجرد صراع البقاء كان الغربال"(١). أي أن نظرية صراع البقاء كالغربال فيبقى الأصلح، ويموت الأقل صلاحاً. ثم اعترف أن الترقي بيد هادية من خارج لم يعد مقنعاً.
…ويعد التطور حسب صراع البقاء راجحاً(٢). وزعم أن العلم أجمع على مبدأ الحياة من الماء، من ماء المستنقعات الذي تختمر فيه المادة وتتحلل وتتركب بقوة غير معروفة إلى الشكل الأول للحياة(٣). كما زعم أن علم الفلك أجمع بأن كل شيء نشأ من الهواء من سحب الغاز والتراب الأولية(٤). وعقب على ذلك كله بقوله: "هذا مبلغنا من العلم في قضية الخلق في عرض سريع موجز. فماذا قال القرآن حينما تعرض لهذه القضية منذ أربعة عشر قرناً من الزمان؟"(٥). وأجاب عن السؤال بأن أسلوب القرآن يختلف عن أسلوب العلماء. فالقرآن يقدمها بالإشارة والرمز والمجاز والاستعارة واللمحة الخاطفة، والعبارة التي تومض في العقل كبرق خاطف، إنه يلقي بكلمة قد يفوت فهمها وتفسيرها على معاصريها، ولكنه يعلم أن التاريخ والمستقبل سوف يشرح هذه الكلمة ويثبتها تفصيلا"(٦).
(٢) انظر ص ٥٧-٥٩، القرآن محاولة لفهم عصري، د. مصطفى محمود.
(٣) ص٦٠، المصدر السابق نفسه.
(٤) ص٦١، المصدر السابق نفسه.
(٥) ص٦١، المصدر السابق نفسه.
(٦) ص٦١، المصدر السابق نفسه.