…وهكذا فقد حدد د. مصطفى محمود موقف القرآن من قضية الخلق بأنه سيكون عن طريق الرمز والإشارة، وهو طريق غير واضح المعالم، ومقياس بلا ضوابط ولا حدود. فمن السهل جداً إدخال جميع الشوائب إلى التفسير من طريق الرمز والإشارة، وبالتالي تدخل نظرية دارون ضمن موقف القرآن، ويخرج منطوق الآيات ومفهومها باللسان العربي المبين، وبناء على هذا المنطق المقلوب قال: "إن آدم جاء عبر مراحل من التخلق والتصوير والتسوية، واستغرقت ملايين السنين بزماننا وأياماً بزمن الله الأبدي(١). وقال: إنه كانت هناك قبل آدم صور وصنوف من الخلائق جاء هو ذروة لها(٢). وقال: "وأعجبني في كتاب للمفكر الإسلامي محمود طه بعنوان "رسالة الصلاة" تعبير جميل يقول فيه: إن الله استل آدم استلالاً من الماء والطين ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ﴾ (٣). إن الانبثاق من الطين، درجة درجة، وخطوة خطوة، من الأميبيا إلى الإسفنج إلى الحيوانات الرخوية إلى الحيوانات القشرية إلى الفقريات إلى الأسماك إلى الزواحف إلى الطيور إلى الثديات إلى أعلى رتبة آدمية بفضل الله وهديه وإرشاده"(٤).
…هذه هي خلاصة نظرية دارون، وهي التي نطق بها محمود طه، وهو القول الذي أعجب المفسر د. مصطفى محمود، وآدم عنده آدم الصورة، وآدم المثال. أي خلق آدم على مرحلتين الأولى وهي آدم الأرضي الذي انبثق من ظلام المادة. ومن رحم الأرض، ومن أسفل سافلين حيث ألقى به مبعداً مطروداً، وآدم المثال الذي خلق الله في أحسن تقويم ليكون إلى جواره في الملكوت(٥).
(٢) ص ٦٧، المصدر السابق نفسه.
(٣) سورة المؤمنون، الآية ١٣.
(٤) ص ٦٧، ٦٨، القرآن محاولة لفهم عصري، د. مصطفى محمود.
(٥) ص ٧٦، القرآن محاولة لفهم عصري، د. مصطفى محمود.