…وهذا كلام ما أنزل الله به من سلطان، فيهوي في دائرة الظن التي لا تغني عن الحق شيئاً، فيكون من الشوائب التي تعارض بل تناقض نصوص القرآن الكريم التي تفيد أن الله تعالى خلق آدم بيديه من تراب، وقال له كن فاستحال إنساناً عاقلاً كاملاً راشداً معّلماً.
الشجرة في تفسير د. مصطفى محمود:
…قال: "وأنا أرى أنها رمز للجنس والموت اللذين تلازما في قصة البيولوجيا حينما أخذت الكائنات الحية بطريقة التلاقح الجنسي لتتكاثر فكتبت على نفسها طارئ الموت. ولم تكن الكائنات قبل ذلك تموت بل تتجدد وتعود إلى الشباب بالانقسام الذاتي. كان التلاقح الجنسي هو الشجرة المحرمة التي أكلت منها الحياة فهو من الخلود إلى العدم"(١).
…فالشجرة رمز للجنس في ملة واعتقاد د. مصطفى محمود. ثم زعم أن الطهور للذكور هو الكفارة التي قضى بها آدم على نفسه بعد الخطيئة كمحاولة للخصاء تقززاً مما فعل ثم أصبحت تقليداً دينياً من يومها(٢).
…وقال: "ولا يوجد مانع من أن تكون الشجرة هي شجرة تؤكل بالفعل فتؤدي إلى إطلاق الهرومونات واشتعال الرغبة الجنسية ومن ثم تلقي بآدم إلى المخالطة الجنسية وتكون الآية صادقة حرفياً ومجازياً"(٣). وكأن الدكتور مصطفى محمود يرى أن الأصل في معنى كلمة الشجرة أنها (رمز للجنس). وهو تفسير لا تسعفه اللغة، ولا الشرع، فلا قيمة له ويعد من الشوائب في التفسير في القرن الرابع عشر الهجري.
رأي الباحث في المسألة:
…إن شوائب التفسير في قضية خلق آدم وزوجه نفذ من عباءة حرية الفكر. وكما قال مؤسس المدرسة العقلية الحديثة في التفسير جمال الدين المشهور بالأفغاني: "وخلاصة القول إن الحكم للعقل والعلم"(٤).

(١) ص ٨٠، القرآن محاولة لفهم عصري، د. مصطفى محمود.
(٢) انظر ص ٨١، القرآن محاولة لفهم عصري.
(٣) ص ٨١، القرآن محاولة لفهم عصري.
(٤) ص ٩٥، خاطرات جمال الدين الأفغاني، محمد باشا المخزومي.


الصفحة التالية
Icon