…قال: "والمراد بالخليفة هنا هو آدم عليه السلام. قالوا لما أراد الله تعالى خلق آدم أوحى إلى الأرض إني خالق منك خليفة، منهم من يطيعني فأدخله الجنة، ومنهم من يعصيني فأدخله النار وبعث جبريل عليه السلام ليقبض قبضة من أنواعها ويأتيه بها ليكون الخلق منها كلها، فلما أراد أن يأخذ منها قالت أعوذ بعزة الله منك، فترك ورجع، وقال يا رب استعاذت بك فكرهت أن أقدم عليها، فأرسل ميكائيل فكان ما كان من جبريل، فأرسل عزرائيل فاستعاذت منه، فقال لها إني أعوذ بعزته أن أعصي له أمراً، فقبض من عذبها ومالحها وحلوها ومُرِّها وطيبها وخبيثها وأبيضها وأحمرها وأسودها وما بين ذلك، وصعد بما قبضه"(١). ثم قال: "ثم أخرجها فسوّاها طيناً مدة، ثم حمأة مدة، ثم صلصالاً مدة، ثم جسداً، وألقاه على باب الجنة، فصارت الملائكة تعجب من صورته، وقال إبليس لأمر ما خلق هذا، ونظر إليه فإذا هو أجوف، فقال هذا خلق لا يتمالك، أي أنه يخدع، وقال للملائكة إن فضّل هذا عليكم ماذا تصنعون؟ قالوا نطيع ربنا فيه، فقال في نفسه لئن فضل عليّ لأعصينه، ولئن فضلت عليه لأهلكنه، فلما أراد الله تعالى نفخ الروح فيه، قالت الروح يا رب كيف أدخل؟ فقال: كرها تدخلين وستخرجين منه كرها، فدخلت يافوخه حتى وصلت إلى عينيه فنظر إلى سائر جسده طيناً فلما وصلت منخريه عطس، فعندما وصلت لسانه قال الحمد لله رب العالمين، فقال الله: رحمك الله ربك لهذا خلقتك، وقد صارت سنة في الخلق على كل من يعطس، وعلى كل من يسمعه التشميت بأن يقول له يرحمك الله ويرد عليه يرحمنا ويرحمك الله، فلما بلغت ركبتيه همّ ليقوم فلم يقدر.. فلما انتهت إلى قدميه استوى بشراً سوياً من لحم"(٢).. الخ ما قال.
(٢) ٥/٢٤، بيان المعاني، عبد القادر ملاحويش.