…وثانياً: لم يورد للقصة لذاتها وإنما ورد للعظة والتمثيل والتذكير والإلزام والإفحام والتنديد والوعيد"(١).
…رسم دروزة خطوطاً عريضة في نظرته للقصص في القرآن الكريم، والخط الأول يعارض آيات في القرآن الكريم منها: ﴿ تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ (٢).
…ومنها ﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾ (٣). في قصة مريم عليها السلام وكفالة سيدنا زكريا لها.
…ومنها :﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُواْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ﴾ (٤) في قصة سيدنا يوسف عليه السلام.
…فهذه نصوص صريحة في أن القصص بشأن نوح ومريم ويوسف وزكريا عليهم السلام من أنباء الغيب لم يعلمها محمد ولا قومه من قبل. فيكون الخط العريض الأول مناقضاً لهذه الآيات الكريمة. ويكون قوله في النقطة الأولى شبهة واعتراضاً على منطوق هذه الآيات أكثر منها أدلة على ما ذهب إليه.
…ثانياً: فإن المعهود عند العرب أنهم أمة أمية لا يعرفون القراءة ولا الكتابة، ولم يكن لكتب أهل الكتاب أي تداول أو انتشار بينهم، ولم يردنا من التاريخ الصحيح ولا المزيف ما يدل على عكس ذلك.

(١) ص ١٦٦، القرآن المجيد، محمد عزت دروزة، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت.
(٢) سورة هود، الآية: ٤٩. وذلك عن قصة سيدنا نوح عليه السلام.
(٣) سورة آل عمران، الآية: ٤٤.
(٤) سورة يوسف، الآية: ١٠٢.


الصفحة التالية
Icon