إن ما وقع عليه التحريم هو جنس الربا ولو كان أقل القليل بدليل قوله تعالى: ﴿ وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ (١). وأل تفيد الجنس هنا. قال أبو حيان الأندلسي: "والحكم في الأشياء إنما هو إلى الله تعالى لا يعارض في حكمه ولا يخالف في أمره. وفي هذه الآية دلالة على أن القياس في مقابلة النص لا يصح إذ جعل تعالى الدليل في إبطال قولهم هو أن الله أحل البيع وحرم الربا"(٢). وورد في آخر آية في تحريم الربا قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ٢٧٨/٢فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ ﴾ (٣). فربط تعالى حرمته بالإيمان فكأن الردة في تعاطيه. والإيذان بالحرب من الله ورسوله قرينة ثانية. وعلامة التوبة هي الاكتفاء برأس المال فقط فينتفي الظلم المعتبر شرعاً في معاملة الربا.
إن تحريم الربا أضعافاً مضاعفة لا يعني حل ما دونه بدليل الآيات الواردة في رقم (١). قال أبو حيان في البحر المحيط: "والربا محرم جميع أنواعه فهذه الحال لا مفهوم لها وليست قيداً في النهي إذ ما لا يقع أضعافاً مضاعفة مساو في التحريم لما كان أضعافاً مضاعفة"(٤). وقول أبي حيان لا مفهوم لها يعني لا مفهوم مخالفة لها.
(٢) أبو حيان الأندلسي، البحر المحيط، ٢/٣٣٥، ط٢، دار الفكر، ١٤٠٣هـ-١٩٨٣م.
(٣) سورة البقرة، الآيات: ٢٧٨-٢٧٩.
(٤) أبو حيان الأندلسي، محمد بن يوسف، تفسير البحر المحيط، ٣/٥٤، ط٢، دار الفكر، ١٤٠٣هـ-١٩٨٣م.