…"فالناس في أشد الحاجة إلى التمييز بين الربا القطعي المتوعد عليه في القرآن بالخلود في النار وبين غيره مما اختلف فيه أو كان وعيده دون وعيده لأن ضرره دون ضرره"(١).
…وقال: "قد علم مما تقدم في تفسير الآيات أنها نزلت في وقائع كانت للمرابين من المسلمين قبل التحريم فالمراد بالربا فيها ما كان معروفاً في الجاهلية من ربا النسيئة أي ما يؤخذ من المال لأجل الإنساء أي التأخير في أجل الدين. وكان يتكرر ذلك حتى يكون أضعافاً مضاعفة فهذا ما ورد في القرآن بتحريمه لم يحرم فيه سواه. وقد وصفه في آية آل عمران التي جاءت دون غيرها بصيغة النهي وهي قوله عز وجل: ﴿ وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ (٢) وهذه أول آية نزلت في تحريم الربا فهو تحريم لربا مخصوص بهذا القيد وهو المشهور عندهم"(٣).
…وقال: "فقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا ﴾ (٤) الآيات يحمل الربا فيها على ما سبق ذكره في النهي الأول".
…وقال: "وهذا النوع من الربا هو أشدها ضرراً وهو مذموم عند كل عاقل بل هو ممنوع في قوانين الأمم التي تبيح غيره من أنواع الربا"(٥).
…وقال: "وما معنى حصر النبي - ﷺ - الربا فيه –يشير إلى ربا النسيئة الوارد في الحديث الشريف (إنما الربا في النسيئة)- إلا بيان ما أراد الله من الربا الذي توعد عليه بأشد الوعيد الذي توعد عليه على الكفر"(٦).

(١) مجلة المنار، م٩، ٥/٣٥٢.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٣٠.
(٣) مجلة المنار، م٩، ٥/٣٥٣.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢٧٥.
(٥) مجلة المنار، م٩، ٥/٣٥٣.
(٦) مجلة المنار، م٩، ٥/٣٥٥، وقد استشهد بقول ابن القيم في أعلام الموقعين، وهو استشهاد في غير محله كما سبق وأن استشهد بقول الغزالي ولا محل للاستشهاد ولكنها سفسطة معهودة عنده.


الصفحة التالية
Icon