عنه ابن عمر. ثم ما دام أن ابن عمر قد رجع عنه فما الفائدة من الاستشهاد به على أنه من الصحابة الذين قالوا بهذا الرأي المخالف؟!
د- إن ابن عباس رجع عن قوله لأنه لم يكن قد سمع بحديث ربا الفضل الذي رواه أبو سعيد وعندما سمعه قال: (أستغفر الله وأتوب إليه، فكان ينهى عنه أشد النهي) (١).
هـ- والمعهود أن الرسول - ﷺ - لا يقول جملة أحاديث في الموضوع الواحد دفعة واحدة، وإنما يورد الحديث منجماً كما نزل القرآن. ولما كان الحديثان (إنما الربا في النسيئة) و (الذهب بالذهب) كان لا بد من الجمع بينهما وأمثل ما قيل في الجمع بينهما ما قاله ابن حجر: "فنفي تحريم ربا الفضل من حديث أسامة إنما هو بالمفهوم. فيقوم عليه حديث أبي سعيد لأن دلالته بالمنطوق، ويحمل حديث أسامة (إنما الربا في النسيئة) على الربا الأكبر كما تقدم والله أعلم"(٢).
…ومن الجمع بينهما أن حديث أسامة متقدم على حديث أبي سعيد ولهذا قال بعضهم بالنسخ ومعروف أن النسخ لا يثبت بالاحتمال ولهذا قلنا أمثل ما قيل في الجمع بين الحديثين هو ما قاله ابن حجر. ومعنى تقدم حديث أسامة أن من سمعه ولم يسمع حديث أبي سعيد كان يقول به كما وقع لابن عمر ولابن عباس. وإذا ثبت رجوع الصحابي للدليل فيبقى إصرار الأغيار بدون دليل. ولا قيمة له شرعاً. قال ابن حجر: "وفي قصة أبي سعيد مع ابن عمر، ومع ابن عباس أن العالم يناظر ويوقفه على معنى قوله ويرده من الاختلاف إلى الاجتماع، ويحتج عليه بالأدلة وفيه إقرار الصغير للكبير بفضل التقدم"(٣). ولكن الشيخ رشيد ارتد من الاجتماع إلى الاختلاف.
(٢) فتح الباري، ٤/٣٨٢، شرح الحديث ٢١٧٨، ٢١٧٩، باب ٧٩، بيع الدينار بالدينار نساءً.
(٣) فتح الباري، ٤/٣٨٢. والتقدم يعني تقدم أبي سعيد الخدري في السن على ابن عباس، وملازمته للرسول - ﷺ - أكثر من ابن عباس.